وكذلك القلم واللوح، وقد جاء ذكرهما في القرآن، ليسا كما يقول المتكلمون أيضا شيئين ماديين، بل «القلم ملك روحاني، واللوح ملك روحاني، والكتابة تصوير الحقائق.»
31
واليوم الآخر وما فيه من جزاء: ثواب وعقاب، لا ينكر الفارابي شيئا منه، فإن للنفس بعد الموت سعادات وشقاوات كما يقول،
32
لكن هذا الجزاء لن يكون إلا روحيا محضا، فليس هناك لذائذ ولا عقوبات جسمية كما يرى المتكلمون، بل السعادة ليست عنده إلا أن تتحرر النفس من قيود المادة فتصير عقلا كاملا.
33
ولذلك كان يدعو الله بأن يجعل الحكمة سببا لاتحاد نفسه بالعوالم الإلهية والأرواح السماوية، فتكون بعد فناء البدن من جملة هذه الجواهر الشريفة الغالية.
34
الخاصة والعامة
وأخيرا لم يخف على المعلم الثاني ما في تفسيره للنبوة وبعض العقائد السمعية من عسر في الفهم يجعل أكثر الناس عاجزين عن إدراكها؛ ولذلك لم ير بدا من تقسيم الناس - حسب مراتبهم في الفهم والتصديق - إلى طبقات ثلاث: عامة، ورجال دين، وفلاسفة.
صفحة غير معروفة