56
لكن ابن رشد لم يرض هذا دليلا صحيحا للفلاسفة:
57
وإذن فلا ضرورة فيما نرى للكلام فيه، ولنتجاوزه إلى الدليل الأخير الذي نختم الحديث به في مشكلة قدم العالم. (3)
لا بد لكل حادث من مادة يقوم بها؛ وذلك لأنه ممكن قبل حدوثه، والإمكان يستلزم موضوعا يقوم به ويكون قابلا له، وإذن هذه المادة - أو الموضوع أو المحل - لا يمكن أن تكون حادثة، وإلا لاحتاجت إلى مادة أخرى، وهكذا من غير نهاية، فيجب إذن أن تكون قديمة، ويكون الحادث هو ما يطرأ عليها من الأعراض والصور المختلفة، وذلك هو المطلوب.
58
والغزالي وقد ساق هذا الدليل يعترض عليه بأن إمكان هذا الشيء أو وجوبه أو استحالة الآخر، أمور يرجع فيها إلى قضاء العقل، بمعنى أن ما قدر العقل وجوده؛ فلم يمتنع عليه تقديره سميناه ممكنا، فإن امتنع تقدير وجوده سميناه مستحيلا، وإن لم يقدر على تقدير عدمه سميناه واجبا، وإذن هذه قضايا عقلية لا تحتاج إلى موجود سابق تجعل وصفا له.
59
ولو كان الإمكان يستدعي مادة يقوم بها لاستدعى الامتناع مادة كذلك، مع أنه ليس للشيء الممتنع مادة يطرأ الامتناع عليها؛ لأن الممتنع محال وجوده.
60
صفحة غير معروفة