ولذلك لم يرض «مونك» هذا الرأي، بل إن غرضه كان هدم تلك المذاهب الفلسفية بنقد عنيف عام.
13
ونحن مع موافقتنا المستشرق «مونك» على أن ما ذكره كان غرضا للغزالي من تهافته، نرى أنه لم يكن الغرض الوحيد من كتابته، إن الغرض أو الأغراض التي أرادها حجة الإسلام من حربه الفلاسفة بهذا الكتاب، تبين لنا من كلامه نفسه، وبخاصة من افتتاحه لهذا الكتاب.
إنه قد هاله أن المتفلسفين المسلمين، وبخاصة الفارابي وابن سينا، قد تركوا الدين - كما يقول - اغترارا بعقولهم، وتقليدا للفلاسفة القدماء الذين لهم أسماء مدوية مثل سقراط وأبقراط وأفلاطون وأرسطوطاليس؛ ولهذا فرض على نفسه الرد على هؤلاء «الفلاسفة القدماء»،
14
مبينا تهافت آرائهم وتناقضها فيما يتعلق بالإلهيات، وذلك «ليكف من غلوائه من يظن أن التجمل بالكفر تقليدا يدل على حسن رأيه، أو يشعر بفطنته وذكائه.»
15
وهو حين يرد على الفلاسفة اليونان يعتمد في شأنهم على ما نقله عنهم الفارابي وابن سينا معترفين بصحته وراضين به.
على أن لحجة الإسلام بجانب ذلك غرضا آخر، وهو نزع الثقة من الفلاسفة المسلمين، و«تنبيه من حسن اعتقادهم فيهم فظن أن مسالكهم تقيه عن التناقض، ببيان وجوه تهافتهم؛ فأبطل عليهم ما اعتقدوه مقطوعا به.»
16
صفحة غير معروفة