قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في شواهد هذا القول ثبوت صلاة الوتر بالاتفاق على أنها الوتر، وأن الوتر خلاف للشفع، وأن الوتر من واحدة فصاعدا، وأما ما وقع وترا على هذا يقتضي ثبوت معاني أحكام الوتر، ومعي أن هذه الأخبار هي على ما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يوتر بركعة وبثلاث وبخمس إلى إحدى عشرة فيما يروى، ولا أعلم أن أحدا قال بأكثر من إحدى عشرة ركعة فيما يروون عنه، ولا قيل عن غيره، وهذا كله مساغ في معاني ثبوت أحكام الوتر، وأما مدار ما أدركنا عليه معاني القول من أصحابنا أن الوتر معهم واحدة أو ثلاث أكثر ما قالوه، فمن أوتر بواحدة فلا فصل فيها ولا وصل وهي مفردة، ومن أوتر بثلاث فقد قيل: من شاء فصل ومن شاء وصل، ومعنى الوصل فيما عندي أنه قيل: يصلي ركعتين ثم يصلي إليها بركعة ثالثة بغير تسليم ولا توجيه، ومعنى الفصل أنه يصلي بركعتين ثم يسلم ثم يأتي بركعة، منهم من يقول بتوجيه جديد، ومنهم من يقول بغير توجيه، والوصل عندي أصح لثبوت معنى القول: إن التسلم إحلال الصلاة، فلا تكون صلاة تسمى موصولة بمعنى واحد، فيثبت فيهما معنى التسليم؛ لأن التسليم قاطع للصلاة، والذي يقول بالفصل عندي معنا وتر بركعة واحدة.
صفحة ٤٠