قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في معاني قول أصحابنا في جميع ذهاب العقل بأي وجه من الوجوه في معاني الصوم ما قد مضى في القول الأول لأن الصوم قد ثبت فيه عند العذر البدل الدليل في أحكام الكاتب والسنة لعدة من أيام أخر، وذهاب العقل من العذر الذي قد أوجب الله لصاحبه العذر عن أداء الفرائض في وقت ذهابه إلا أن يأتي على /225/ذاهب العقل حال حكم له بأنه يرجع عن ذهاب عقله ويأنس منه عن الانتقال، فإذا كان كذلك فيما مضى عليه في شهر رمضان وهو في حالته تلك أشبه في معاني قولهم أن لا بدل عليه لأنه لا يكاد أن يرجع عن حالته تلك إلى هذه الحال التي يحكم له بها، وعندي أن تلك الحال فيما قيل أن يذهب عقله دائما سنة، فإذا ذهب عقله سنة حكم له بالعتوة وسقط عنه أداء الفرائض وصار معتوها، فإن جرى عليه هذا الحال وهذا الحكم ثم استحال عن حاله تلك إلى صحة العقل وأخاف أن لا يكون ذلك أشبه عندي في معاني قولهم إن ذلك حكم قد سقط عنه في حاله تلك ولا بدل عليه، وقد يشبه عندي أنه إذا أغمي عليه في الشهر كله أنه لا بدل عليه بالتعلق بذلك القول من قول أصحابنا أو ما يشبه من قولهم لأن الشهر كله مضى حكمه وهو غير متعبد لا يلزمه أداء شيء من فرضه، فإذا زال عنه الحكم كله وهو غير متعبد حسن في المعنى أنه لا يلزمه حكم ما مضى كله كما أنه قد قيل لو أكل يوم من شهر رمضان بمعنى لم يصح الهلال ثم لم يصح ذلك اليوم أنه من شهر رمضان حتى انقضى ثم صح أنه لا بدل عليه لذلك اليوم، وهو أكثر القول من قول أصحابنا، فهذا إذا خصه حكمه لعله زال عنه حكم البدل ولو صح عنده لانقضاء الشهر كله كذلك يشبه عندي معنى هذا إذا انقضى وهو غير متعبد أن يزول عنه أحكام التعبد فيه، ويشبه هذا المعنى عندي أن لو ذهب عقله قبل دخول شهر رمضان كله ثم لم يفق حتى انقضى فيشبه هذا المعنى هذا الفصل في هذا الوجه. [بيان، 20/225].
صفحة ١٠٢