البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح
تصانيف
وأما على ماذكره المهدي عليه السلام من أن القائلين بأنه إنما قبح القبيح لعينه لم يريدوا أنه إلا ما ذكرناه، فهو قول جميع العدلية قالوا: لأنه إذا كان لوجوه واعتبارات، أيدفع الاستدلال بأنه لو كان الحسن والقبح ذاتيا لما اختلف بأن يكون فعل واحد حسنا تارة أو قبيحا أخرى لجواز الاختلاف. واندفاع الاستدلال.
الثاني: بأنه لو كان ذاتيا لاجتمع النقيضان لجواز الاجتماع بالاعتبارين واندفع الاستدلال.
الثالث: بأنه لو كان ذاتيا لزم قيام المعنى بالمعنى؛ لأنه قد لا يكون معنى بل يكون أمرا اعتباريا، واندفع الاستدلال.
الرابع: بأن فعل العبد فعل بغير اختيار؛ لأنه مجبور؛ لأن اللازم والاتفاقي قد يكون له وجوه واعتبارات.
قالوا: فالحجة الناهضة عليهم من العقل والنقل، أما من العقل فوجهان:
الأول: لو كان حسن الفعل وقبحه لأمر غير الطلب في الفعل لم يكن تعلق الطلب لذاته، واللازم باطل، أما الملازمة فلتوقف تعلقه حينئذ على أمر زائد على الفعل الذي هو المطلوب، وما هو الشيء بالذات لا يتوقف على أمر زائد.
وأما بطلان اللازم: فلأنا نعلم بضرورة العقل أن الطلب صفة ذات إضافية يستلزم مطلوبا عقلا فلا يعقل حقيقة إلا متعلقا بمطلوب وهو الفعل أو الترك.
صفحة ٩٦