فصل وأما بيان موضع الاتفاق والإجماع فقال في (الفصول) و(شرح): المقاصد أنهم اتفقوا على حسن الشيء وقبحه بمعنى صفة الكمال والنقص كالعلم والجهل، وبمعنى الملائمة للغرض وعدمها كالعدل والظلم.
قال في شرح المقاصد: وبالجملة كلما يستحق عليه المدح والذم في فطر العقول ومجاري العادات فإن ذلك يدرك بالعقل ورد الشرع أم لا بلا نزاع.
وأما محل النزاع ففي تعليق الشارع المدح والثواب لحكمته بما هو حسن في علمه سواء أدرك العقل ذلك كالعدل والإحسان أم لم يدركه كصوم آخر يوم من رمضان، وفي تعليق الذم والعقاب لحكمته بما هو قبيح في علمه سواء أدرك العقل ذلك كنحو الظلم والعدوان أم لا كصوم أول يوم من شوال، وأئمتنا عليهم السلام وموافقوهم يثبتون الحكمة لله لفظا ومعنى كما أثبتها لنفسه في كتابه الكريم وعلى ألسنة رسله عليهم أفضل الصلاة والتسليم، والمخالفون لا يثبتونها ويقولون لم يعلق الشارع المدح والثواب ولا الذم والعقاب بما هو حسن ولا بما هو قبيح؛ لأن أفعاله تعالى عندهم لا لغرض ولا لعلة البتة.
قال القرشي رحمه الله في (المنهاج): الخصوم قد التزموا معنى العبث في حقه تعالى وامتنعوا من إطلاق العبارة، وزعموا أن ذلك لا يقبح منه تعالى على مثل كلامهم في الظلم وغيره.
صفحة ٥