البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح

الإمام المتوكل على الله إسماعيل ت. 1087 هجري
129

البيان الصريح والبرهان الصحيح في مسألة التحسين والتقبيح

بيان الملازمة: أن فائدة التكليف هي إيصال الثواب إلى المطيع والتعريض له، ورفع العقاب عنه وإيقاعه بالمعاصي، وهذه الفائدة إنما تتم لو علمنا أن الله تعالى لا يفعل القبيح؛ لأنه لو جاز منه صدرو القبيح أمكن أن لا يوصل الثواب إلى مستحقيه، وأن يمنع المطيع عن حقة، وأن يثيب العاصي بأبلغ أنواع الثواب، ولو جوزنا ذلك لم يحصل الجزم بل ولا الظن للمطيع بالانتفاع بطاعته، ولا للعاصي التضرر بمعصيته، فيمتنع المطيع من الطاعة ويقدم العاصي على المعصية، ولا شك في فساد ذلك.

ومنها: أنه يلزم تجويز وصف الله تعالى بالظلم والجور والعدوان، واللازم باطل تعالى الله عنه والملزوم مثله.

بيان الملازمة: أنه لو جاز صدور هذا القبيح عنه أمكن أن يمنع المستحق عن حقه وارتفع منه الظلم والجور والعدوان؛ لأنها من جملة القبائح، ولا شك في امتناع ذلك وقد نص الله تعالى على ذلك في قوله:{ وما ربك بظلام للعبيد } {وما الله يريد ظلما} {وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} {ولا يظلم ربك أحدا} {لا ظلم اليوم} إلى غير ذلك من الآيات، فلينظر العاقل من نفسه هل يجوز تقليد من يلتزم هذه المقالات الشنيعة المحالة، وهل يكون معذورا عند الله تعالى بتقليد أمثال هؤلاء؟ وأن يجعلهم العاقل واسطة بينهم وبينه تعالى، وهل أحد من الرسل والأنبياء صار إلى ذلك؟.

صفحة ١٣٩