جاء الأسد وأطاف بهم فجعل عتبة يقول: أكلني السبع، فلما كان في بعض الليل علا عليه ففدغ رأسه. وقد يتوسع في ذلك حتى يجعل العقر أكلا وكذلك اللدغ واللسع. أخبرنا أبو عمر قال: أخبرنا أبو العباس عن ابن الأعرابي عن أبي مكارم قال: مررت بمنهال وعلى شفيره صنبور بيده شوشب فقلت لأمه: أدركي القامة لا تأكله الهامة. قال أبو العباس: الشوشب، العقرب والقامة الصبي الصغير. وحكي أيضا عن بعض الأعراب أكلوني البراغيث؛ فجعل قرص البرغوث أكلا. ومثل هذا الكلام كثير.
وأما قوله سبحانه: ﴿ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير﴾ فإن معنى الكيل المقرون بذكر البعير المكيل، والمصادر توضع موضع الأسماء كقولهم: هذا درهم ضرب الأمير وهذا ثوب نسج اليمن، أي مضروب الأمير ونسيج اليمن، والمعنى أنا نزداد من الميرة المكيلة إذا صحبنا أخونا حمل بعير؛ فإنه كان لكل رأس منهم حمل واحد لا يزيده على ذلك لعزة الطعام، فكان ذلك في السنين السبع القحطة، وكانوا لا يجدون الطعام إلا عنده ولا يتيسر لهم مرامه إلا من قبله فقيل على هذا المعنى: ﴿ذلك كيل يسير﴾ أي متيسر لنا إذا تسببنا إلى ذلك باستصحاب أخينا، واليسير شائع الاستعمال فيما يسهل من الأمور كالعسير فيما يتعذر منها، ولذلك قيل يُسِّرّ الرجل إذا نتجت مواشيه وكثر أولادها. قال الشاعر:
يعد الفتى من نفسه كل ليلة ... أصاب غناها من صديق مُيَسر
1 / 42