بيان إعجاز القرآن
محقق
محمد خلف الله، د. محمد زغلول سلام
الناشر
دار المعارف بمصر
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٩٧٦م
تصانيف
جعلت لفلان ودًّا وحبًّا بمعنى أحببته؟. وإنما يقول وددته وأحببته، أو بذلت له ودي؛ أو نحو ذلك من القول. وكقوله سبحانه: ﴿قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون﴾، وإنما هو ردفه يردفه من غير إدغام اللام. وكقوله سبحانه: ﴿ومن يرد فيه بإلحاد بظلم﴾. وكقوله سبحانه: ﴿أولم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعيَ بخلقهن بقادر﴾ فأدخل الباء في قوله بإلحاد وفي قوله بقادر، وهي لا موضع لها ها هنا. ولو قيل: ومن يرد فيه إلحادًا بظلم، وقيل: قادر على أن يحيي الموتى، كان كلامًا صحيحًا لا يشكل معناه ولا يشتبه. ولو جاز إدخال الباء في قوله: بقادر لجاز أن يقال: ظننتُ أن زيدًا بخارج، وهذا غير جائز البتة.
قالوا: ومما يعرض فيه من سوء التأليف ومن نسق الكلام على ما ينبو عنه ولا يليق به قوله سبحانه: ﴿كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقًا من المؤمنين لكارهون﴾ عقيب قوله: ﴿أولئك هم المؤمنون حقًا. لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم﴾ وكما (في) تشبيه شيء بشيء ولم يتقدم من أول الكلام ما يشبه به ما تأخر منه. وكقوله سبحانه: ﴿وقل إني أنا النذير المبين كما أنزلنا على المقتسمين الذين جعلوا القرآن عضين﴾، وقوله تعالى: ﴿كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم ...﴾ الآية.
قالوا: وقد يوجد في القرآن الحذف الكثير والاختصار الذي يشكل معه وجه الكلام ومعناه كقوله سبحانه: ﴿ولو أن قرآنًا سيِّرت به الجبال أو
1 / 39