البيان أن العلم ضده الجهل، والمعرفة ضدها النكرة. والحمد والشكر قد يشتركان أيضًا، والحمد لله على نعمة أي الشكر لله عليها، ثم قد يتميز الشكر عن الحمد في أشياءَ؛ فيكون الحمد ابتداءً بمعنى الثناء، ولا يكون الشكر إلا على الجزاء. تقول: حمدت زيدًا إذا أثنيت عليه فى أخلاقه ومذاهبه وإن لم يكن سبق إليك منه معروف. وشكرت زيدًا إذا أردت جزاءَه على معروف أسداه إليك، ثم قد يكون الشكر قولًا كالحمد، ويكون فعلًا كقوله جل وعز: ﴿اعملوا آل داوود شكرًا﴾. وإذا أردت أن تتبين حقيقة الفرق بينهما اعتبرت كل واحد منهما بضده. وذلك أن ضد الحمد الذم، وضد الشكر الكفران. وقد يكون الحمد على المحبوب والمكروه، ولا يكون الشكر إلا على المحبوب.
وأما الشح والبخل فقد زعم بعضهم أن البخل منع الحق، وهو الظلم والشح ما يجده الشحيح في نفسه من الحزازة عند أداءِ الحق وإخراجه من يده. قال: ولذلك قيل: " الشحيح أعذر من الظالم ". قلت: وقد وجدت هذا المعنى على العكس مما روى عن ابن مسعود: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن مالك قال: نا عمر بن حفص السدوسي قال: نا المسعودي عن جامع بن شداد عن أبى الشعثاء قال: قلت لعبد الله بن مسعود. يا أبا عبد الرحمن إني أخاف أن أكون قد هلكت، قال: ولم ذاك؟ قلت: لأني سمعت الله يقول: ﴿ومَنْ يُوقَ شُحَّ نفسِه فأُولئك هُمُ المفْلِحُون﴾. وأنا رجل شحيح لا يكاد يخرج من يدي شيء. قال: ليس ذاك الشح الذي ذكره الله في
1 / 30