البيان في مذهب الإمام الشافعي
محقق
قاسم محمد النوري
الناشر
دار المنهاج
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢١ هجري
مكان النشر
جدة
تصانيف
الفقه الشافعي
وإذا ثبت أنه لم يرد ما بقى في الإناء.. ثبت أنه أراد ما استعملت. ولأن الصحابة والتابعين - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - ومن بعدهم كانوا يسافرون ويعدمون الماء فيتيممون وما روي عن أحد منهم: أنه توضأ بالماء المستعمل، وقد اختلفوا فيمن وجد من الماء ما لا يكفيه لأعضاء الطهارة:
فمنهم من قال: لا يجب عليه أن يتوضأ بما معه من الماء، بل يتيمم.
ومنهم من قال: يجب عليه أن يتوضأ بما معه من الماء ثم يتيمم.
ولم يقل أحد منهم: يغسل بما معه من الماء ما قدر عليه من أعضائه إلى إناء، ثم يتم به وضوءه، ولو كان الماء المستعمل في رفع الحدث مطهرًا لقالوا ذلك.
ومن أصحابنا من قال: المسألة على قول واحد، وأنه غير مطهر؛ لأن رواية أبي ثور - أن الشافعي توقف فيه - لا تدل على أنه مطهر عنده، ورواية عيسى بن أبان: لا يعتد بها؛ لأنه رجل مخالف.
قال المحاملي: والأول أصح؛ لأنه ثقة، فقبلت روايته وإن كان مخالفًا.
فإذا قلنا: إنه مطهر.. جاز رفع الحدث به ثانيًا، وجاز إزالة النجس به.
وإذا قلنا: إنه ليس بمطهر.. لم يجز رفع الحدث به ثانيًا، وهل يجوز إزالة النجس به؟ فيه وجهان:
[أحدهما]: من أصحابنا من قال: يجوز؛ لأن للماء حكمين: رفع حدث، وإزالة نجس، فإذا رفع الحدث.. بقي عليه إزالة النجس.
1 / 44