الفصل الثانى فى موضوع المنطق
موضوع كل علم هو الشيء الذي يبحث فى ذلك العلم عن أحواله التى تعرض له لذاته وتسمى تلك الأحوال اعراضا ذاتية وستعرفها (1) . ولما تبين أن منفعة المنطق وقصاراه تعريف القول الشارح والحجة مطلقا، أى على وجه كلى قانونى عام غير مخصص بشيء دون شيء، اذا عرف كذلك استغنى عن استئناف تعلم حد حد وبرهان برهان بل انطبق حكمه المجرد عن المواد الخاصة على جميع الحدود والبراهين الخاصة، فموضوع نظره اذن المعانى التى هى مواد القول الشارح والحجة المطلقين من حيث هى مستعدة للتأليف المؤدى الى تحصيل أمر فى الذهن.
وهذه المعانى هى «المعقولات الثانية» ومعنى قولنا «الثانية» : هو أن ذهن الانسان تحصل فيه صور الاشياء الموجودة خارج الذهن وماهياتها، ثم الذهن قد يتصرف فيها بأن يحكم ببعضها على بعض ويلحق ببعضها أمورا ليست منها ويجرد بعضها عن عوارض خارجة عن حقيقتها.
فتصرف الذهن بجعل البعض حكما والبعض محكوما عليه.
والتجريد والالحاق أحوال تعرض لهذه الماهيات الموجودة فى الذهن، فالماهيات «معقولات أولى» وهذه الاحوال العارضة لها بعد حصولها فى الذهن «معقولات ثانية» وهى كون الماهيات محمولات وموضوعات وكليات وجزئيات الى غير ذلك مما تعرفه.
فاذا موضوع المنطق هذه المعقولات الثانية من حيث هى مؤدية الى
صفحة ٥٧