بصائر في الفتن
الناشر
الدار العالمية للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
مكان النشر
الإسكندرية - مصر
تصانيف
وقال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "والكلام أسيرك، فإذا خرج من فِيكَ صِرْتَ أنت أسيرَه، واللهُ عندَ لسانِ كلِّ قائلٍ: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (١٨)﴾ [ق: ١٨] " (١).
وقال بعضهم: "رأيت مالكًا صامتًا لا يتكلم، ولا يلتفت يمينًا ولا شمالًا، إلَّا أن يكلمه إنسان فيسمع منه، ثم يجيبه بشيء يسير، فقيل له في ذلك، فقال: وهل يَكُبُّ الناسَ في جهنم إلَّا هذا؟ وأشار إلى لسانه" (٢).
وعن أبي بكر بن عياش قال: "أدنى نفعِ السكوتِ السلامةُ،- وكفى به عافية، وأدنى ضررِ المنطقِ الشهرةُ، وكفى بها بلية" (٣).
ما إن ندمت على سكوتي مرّة ... ولقد ندمت على الكلام مرارا
وعن إبراهيم، قال: "كانوا يجلسون، فأطولهم سكوتَا أفضلُهم في أنفسهم" (٤).
وعن محارب، قال: "صحبنا القاسم بن عبد الرحمن فغلبنا بثلاث: بكثرة الصلاة، وطولِ الصمت، وسخاء النفس" (٥).
وحضر ابن المبارك يومًا عند الثوري، فلم يتكلم بحرف حتى قام، فلما قام قال الثوري لأصحابه: "وددت أني أقدر أن أكون مثلَه" (٦).
(١) "الجواب الكافي" ص (٢٨١). (٢) "ترتيب المدارك" (١/ ١٧٩). (٣) "سير أعلام النبلاء" (٨/ ٥٠١). (٤) "الحلية" (٤/ ٢٢٤)، "الزهد" لابن أبي عاصم رقم (٥٥) ص (٣٨). (٥) "الزهد" لابن أبي عاصم رقم (٧٩) ص (٤٦). (٦) تقدمة "الجرح والتعديل" ص (٢٦٦).
1 / 72