بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

محمد بن محمد بن مصطفى بن عثمان، أبو سعيد الخادمى الحنفي (المتوفى: 1156هـ) ت. 1156 هجري
127

بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية وشريعة نبوية في سيرة أحمدية

الناشر

مطبعة الحلبي

رقم الإصدار

بدون طبعة

سنة النشر

١٣٤٨هـ

- فَنَسَخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ذَلِكَ وَقِيلَ الْمُؤَاخَاةُ مَرَّةً بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ خَاصَّةً قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَمَرَّةً بَعْدَهَا فِي الْمَدِينَةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ ﵊ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَبَيْن طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَبَيْن عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَبَيْن حَمْزَةَ وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ آخَيْت بَيْنَ أَصْحَابِك فَمَنْ أَخِي قَالَ أَنَا أَخُوك وَفِي رِوَايَةٍ أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ تَارِيخِ الْخَمْسِ فِي أَنْفَسِ النَّفْسِ «بَيْنَ سَلْمَانَ» الْفَارِسِيِّ «وَ» بَيْنَ «أَبِي الدَّرْدَاءِ» الْأَنْصَارِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - «فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ» فِيهِ نَدْبُ التَّزَاوُرِ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ وَالْإِخْوَانِ فِي اللَّهِ فِي الْمَصَابِيحِ. عَنْ مُعَاذٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اللَّهِ تَعَالَى «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِي وَالْمُتَجَالِسِينَ فِي وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِي وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِي» «فَرَأَى» أَيْ سَلْمَانُ (أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً) لَابِسَةً ثِيَابَ الْبِذْلَةِ الْخَلِقَةِ قِيلَ نَظَرُهُ إنَّمَا هُوَ إلَى ثِيَابِهَا لَا بَدَنِهَا أَوْ لَا عَنْ شَهْوَةٍ أَوْ رَأَى عِلْمِيَّةً أَقْوَالٌ الْأَقْرَبُ هُوَ أَنَّ مَدَارَ الْمَنْعِ هُوَ الشَّهْوَةُ أَوْ أَنَّهَا عَجُوزٌ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ وَالْحَمْلُ عَلَى مَا قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْغَضِّ وَالْحِجَابِ بَعِيدٌ «فَقَالَ لَهَا مَا شَأْنُك» مَا وَجْهُ لُبْسِك تِلْكَ الْبِذْلَةَ الْخَلِقَةَ «فَقَالَتْ أَخُوك أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا» يَعْنِي أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ الدُّنْيَا وَلَا يَجْمَعُ شَيْئًا مِنْ حُطَامِهَا وَلَيْسَ لَهُ مَيْلٌ وَلَذَّةٌ فِيهَا. «فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ» مَنْزِلَهُ «فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا» لِيُضِيفَهُ وَقَدَّمَهُ إلَيْهِ «فَقَالَ» أَبُو الدَّرْدَاءِ «لَهُ كُلْ» يَعْنِي وَحْدَك «، فَإِنِّي صَائِمٌ قَالَ» سَلْمَانُ «مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ» مَعِي «فَأَكَلَ» مَعَهُ إكْرَامًا لِضَيْفِهِ وَتَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ أَجْرًا بَلْ مُضَاعَفٌ لِلثَّوَابِ لِنَيْلِهِ ثَوَابَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَنِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ وَثَوَابُ قَضَائِهِ بَعْدَهُ وَتَطْيِيبُ خَاطِرِ أَخِيهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابِيَّةُ الْأَكْلِ عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ لَعَلَّ ذَلِكَ قَبْلَ الزَّوَالِ لِيَكُونَ مَوْضِعَ وِفَاقٍ. «فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ» لِقِيَامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ بِلَا نَوْمٍ أَصْلًا وَقِيلَ لِلتَّهَجُّدِ أَقُولُ التَّهَجُّدُ مَا يَكُونُ بَعْدَ النَّوْمِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ «فَقَالَ» سَلْمَانُ «نَمْ» عَلَى وَزْنِ كَمْ أَمْرٌ حَاضِرٌ مِنْ النَّوْمِ «فَنَامَ» امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ مُرَاعَاةً لِحُقُوقِ الْأُخُوَّةِ «ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ» مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ «نَمْ فَنَامَ فَلَمَّا كَانَ آخِرَ اللَّيْلِ» عِنْدَ ثُلُثِهِ الْأَخِيرِ وَقِيلَ نِصْفُهُ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِكَوْنِهِ مَعْنَى الْآخِرِ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِبَعْضِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ سِيَّمَا السَّحَرِ كَمَا يَأْتِي. «قَالَ سَلْمَانُ قُمْ الْآنَ» لِلتَّهَجُّدِ كَيْفَ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَا فِي بَعْضِ التَّفَاسِيرِ «رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا الْعَبْدُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَفَرَضْتُهُمَا عَلَيْهِمْ» وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِقِيَامِ اللَّيْلِ حَتَّى ظَنَنْت أَنَّ خِيَارَ أُمَّتِي لَا يَنَامُونَ» وَفِي عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ أَهْلُ اللَّيْلِ فِي لَيْلِهِمْ أَشَدُّ لَذَّةً مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ فِي لَهْوِهِمْ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ يُشْبِهُ نَعِيمَ الْجَنَّةِ إلَّا مَا يَجِدُ أَهْلُ التَّمَلُّقِ فِي قُلُوبِهِمْ بِاللَّيْلِ مِنْ حَلَاوَةِ الْمُنَاجَاةِ ثَوَابٌ عَاجِلٌ لِأَهْلِ اللَّيْلِ، وَفِي حَقِّ قِيَامِ اللَّيْلِ وَرَدَ قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا﴾ [المزمل: ٦] وَقَوْلُهُ - ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ﴾ [السجدة: ١٦]- الْآيَاتُ وَقَوْلُهُ - ﴿وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا﴾ [الفرقان: ٦٤]- «فَقَامَا وَصَلَّيَا» التَّهَجُّدَ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَقِيلَ اثْنَتَيْنِ إلَى اثْنَيْ عَشَرَ قِيلَ عَنْ الْقُرْطُبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ «السَّاعَةُ الَّتِي

1 / 127