اعلم أن العلماء اختلفوا في هذه المسألة على قولين :
الأول : أن الوجود له مفهوم واحد مشترك بين الوجودات ، وهو مختار جمهور المحققين (1)، كما حكي.
الثاني : أن وجود كل شيء عين ماهيته ، ولا اشتراك إلا في لفظ الوجود ، وهو المحكي عن أبي الحسن الأشعري وأبي الحسين البصري (2).
واختار المصنف الأول ، واستدل له بقوله : ( وتردد الذهن حال الجزم بمطلق الوجود ، واتحاد مفهوم نقيضه ، وقبوله القسمة يعطي الشركة ) ففيه إشارة إلى وجوه ثلاثة :
[ الوجه ] الأول : أنه لو كان الوجود مشتركا لفظيا لا معنويا ، لما أمكن وما وقع تردد الذهن في خصوصيات الوجود والماهيات مع الجزم بالوجود المطلق ، ولكن أمكن ووقع تردد الذهن فيها مع الجزم بالوجود المطلق ، فلا يكون مشتركا لفظيا ، بل يكون معنويا.
أما الملازمة : فلأن الوجود على تقدير الاشتراك اللفظي وعدم الاشتراك المعنوي إما أن يكون نفس الخصوصيات أو من خواصها الذاتية أو العرضية ؛ لعدم تصور غير ذلك.
وعلى الأول يكون التردد في الخصوصيات عين التردد في الوجودات التي هي أعيان تلك الخصوصيات ، ويكون الجزم بالوجود عين الجزم بها ، فبين الترددين والجزمين تلازم يمتنع به التخلف.
وكذا على الثاني ؛ لأن التردد في شيء يستلزم التردد فيما يختص به.
وأما بطلان التالي : فلأنا إذا رأينا حادثا ، جزمنا أن له مؤثرا موجودا ، مع التردد في كونه واجبا أو ممكنا ، جوهرا أو عرضا ، إلى غير ذلك من الخصوصيات ، وذلك
صفحة ٩٠