وبالرغم من امتلاك الحكومة لأغلبية رأس المال، فقد جعلت لها في الجمعية العمومية أصواتا بنسبة 30٪ حتى لا تستأثر بالإدارة، ولكني جعلت لها من ناحية أخرى كل الاختصاصات التي توجه بها سياسة البنك طبقا للمصلحة العامة بصفتها ممثلة للدولة وتحت رقابة البرلمان.
وتأييدا لهذا الإشراف جعلت للحكومة حق تعيين المحافظ ونائبيه بقرار من مجلس الوزراء، ويعين وزير المالية أيضا مندوبين من قبل الحكومة لدى البنك لهما مراقبة أعمال البنك.
ونص مشروعي على أن تكون أغلبية أعضاء مجلس الإدارة من المصريين، فيضم إلى المحافظ ونائبه ثمانية آخرون من المصريين. أما باقي الأعضاء فيجوز أن يكونوا من الأجانب لمدة تسع سنوات يجب بعدها أن يصبح مجلس الإدارة كله مصريا. وجعلت إلى جوار مجلس الإدارة خبيرا يؤخذ رأيه في المسائل الكبرى.
وقد بحثت اللجنة المالية بمجلس الشيوخ مشروعي في عدة جلسات استمعت فيها إلى رأي ممثل الحكومة وإلى آراء بعض أساتذة الجامعة وبعض المشتغلين بالشئون المالية، وانتهت اللجنة إلى تقرير جاء فيه أن مشروعي يبعدنا عن الطفرة والمفاجأة، وليس فيه إخلال بتعهداتنا ولا يحمل في ثناياه ثورة ولا انقلابا على نظامنا المالي. وإنما هو مجرد خطوة هادئة أملتها الحاجة وقضت بها الظروف.
ولما عارضت الحكومة في مشروعي لأنها ترى ضرورة تأميم البنك الأهلي لتسيطر عليه تماما وتوجهه الوجهة التي تراها لمصلحة البلاد، لم يسع اللجنة المالية إلا أن تقدم تقريرا لمجلس الشيوخ مطالبة الحكومة أن تسرع بتقديم مشروعها حتى يمكن المقارنة بينه وبين مشروعي، وما زال تقرير اللجنة المالية منظورا أمام المجلس.
تحبيذ مشروعي ونقده
وقد أثار هذا المشروع اهتمام كثير من الدوائر المالية والعلمية؛ فخاطبني في صدده بعض مديري البنوك وثقات المال مبدين ارتياحهم للمبادئ التي قام عليها المشروع وأخصها عدم تأميم البنك تأميما كاملا كما تريد الحكومة. وقد عنيت به شعبة النقود والبنوك في جمعية فؤاد الأول للتشريع والإحصاء والاقتصاد، فعقدت عدة جلسات لبحثه انتهت إلى الموافقة عليه.
ولقد بذل نادي التجارة الملكي همة عظيمة في بحث مشاكلنا الاقتصادية، فنظم عدة محاضرات ومناظرات وشكل لجنة لدراسة موضوع البنك المركزي. وقد كان الرأي السائد في المحاضرات والمناظرات ضد فكرة التأميم. أما اللجنة فقد أعدت توصيات متفقة مع مشروعي في قواعده الأساسية.
ولم يقصر قسم الخدمة العامة بالجامعة الأميريكية جهده على النواحي الأدبية والاجتماعية، بل أضاف إليها هذا العام الناحية الاقتصادية؛ فدعا نخبة من رجال الاقتصاد إلى محاضرات أعقبتها مناقشات في موضوع البنك المركزي. وكانت أغلبية المحاضرين والمتناقشين تؤيد فكرة عدم التأميم، وتقول بضرورة امتلاك الحكومة لأكثر من نصف أسهم البنك مع وجوب ابتعادها عن التدخل في إدارته.
يتضح مما تقدم أن الأغلبية العظمى لمن درسوا موضوع البنك المركزي تؤيد مشروعي وتناصره، وإن كان البعض قد اعترض على تقديري سعر سهم البنك بمبلغ ثلاثين جنيها أو على ضم خبير دولي إلى إدارة البنك أو على السماح للبنك بالتعامل مع الأفراد أو إتيان بعض عمليات تجارية.
صفحة غير معروفة