بسم الله الرحمن الرحيم
حمدا لمن أنشأ الإنسان، وميزه بفضيلتي النطق والبيان؛ ليترجم عما يوحيه إليه الشعور الشريف والوجدان، وصلاة وسلاما على نبراس العلم والعرفان، من خص بالحكمة وفصل الخطاب، وأوتي من جوامع الكلم ما سحر الألباب؛ حتى ساد قومه مجدا وفخرا، وإن من البيان لسحرا.
وبعد، فهذه نخب أقتطفها من معجز بلاغة الغرب؛ لنرى - معشر العرب - ما أحرزه الغربيون من قصبات السبق في مضمار التحرير والإنشاء، وما لهم من سلامة الذوق وحسن التعبير في الوصف والإعراب عن الشعور والعواطف بما يحس به الوجدان دون كلفة.
يقع شعرهم ونثرهم على الآذان كنغمات الموسيقى بما يشجي السامع من: رقة الوصف، وسلاسة التركيب، وأوانس الألفاظ، وغرر البيان، وبعد الكلام عما تعقد من المعاني، وخلوه من الخياليات المتشعبة والتنقل فيها بما يذهب بالسامع كل مذهب، فيركب متن الشطط، ويصعب عليه الفهم؛ فلذلك يعقله الفكر لأول وهلة دون إمعان وإجهاد قريحة.
وقد سلكت في تعريب هذه المقتطفات مسلك الأمين حرصا على المعاني لإبرازها بمشرب الكاتب؛ لنعرف أسلوبه وروحه في الإنشاء، وصغتها في قالب عربي سهل العبارة قريب التناول؛ لأزف إلى الناطقين بالضاد عرائس نظم الغرب ونثره رافلة في الحلل العربية، وعساني أكون أديت بعض الواجب الاجتماعي، وخدمت الناشئة بعمل نموذج لهم للترجمة والإنشاء؛ ليجمعوا بين الأصل والتعريب، ويعلموا كيف يسيرون فيه ويصوغون المعاني في القالب العربي اللائق بها والذوق السليم الملائم لها. وإن ساعدني الحظ وصادف عملي نجاحا وإقبالا من معشر قراء العربية، شمرت عن ساعد الجد، واستمررت في عملي هذا ناشرا أجزاء تباعا كلما سنحت الفرص وسمحت أويقات الفراغ والسلام.
فيكتور هوجو1
كان القرن التاسع عشر طفلا في حوله الثاني حينما تمخضت الأيام بمولود «بيزانسون»، وهو ابن الكونت «سيجيسبير هوجو» من مشاهير القواد والكتاب الحربيين، ثم طوحت به في كل شرق وغرب كحبة تذروها الرياح حيث تشاء.
نشأ من دم بريطاني ولوريني؛ فأصبح هذا الصبي واسطة عقد شعراء القرن الماضي، بل إمام شعراء الغرب على الإطلاق.
2
ولما ولد في عام 1802 كان القريض الفرنسي منحطا تغلب عليه الضعف؛ حتى كاد يودي به، وقد مضى وقتئذ على قتل «أندريه شينييه
صفحة غير معروفة