214

البحر المحيط في أصول الفقه

الناشر

دار الكتبي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

القاهرة

يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا» وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] فَيُمْكِنُ تَخْصِيصُهُ بِالْقُرْآنِ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ الشَّرْعِ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ. أَمَّا الْوُقُوعُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ: وَهُوَ أَنَّ الْقِيَامَةَ إنْ قَامَتْ عَلَى قُرْبٍ فَلَا تَفْتُرُ الشَّرِيعَةُ، وَلَوْ امْتَدَّتْ إلَى خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ الدَّوَاعِيَ مُتَوَفِّرَةٌ عَلَى نَقْلِهَا فِي الْحَالِ فَلَا تَضْعُفُ إلَّا عَلَى التَّدْرِيجِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ الزَّمَنُ فَالْغَالِبُ فُتُورُهُ، إذْ الْهِمَمُ مَصِيرُهَا إلَى التَّرَاجُعِ ثُمَّ إذَا فَتَرَتْ ارْتَفَعَ التَّكْلِيفُ وَهِيَ الْأَحْكَامُ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ. وَزَعَمَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ الرُّجُوعَ إلَى مَحَاسِنِ الْعُقُولِ. قَالَ: وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِمَذْهَبِنَا فَإِنَّا لَا نَقُولُ بِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ. اهـ. وَهَذِهِ تَرْجِعُ إلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فِي الِاجْتِهَادِ فِي خُلُوِّ الْعَصْرِ عَنْ الْمُجْتَهِدِ.
[مَسْأَلَةٌ تَقْدِيرُ خُلُوِّ وَاقِعَةٍ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ]
فِي تَقْدِيرِ خُلُوِّ وَاقِعَةٍ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ بَقَاءِ الشَّرِيعَةِ عَلَى نِظَامِهَا. قَالَ الْغَزَالِيُّ: قَدْ جَوَّزَهُ الْقَاضِي حَتَّى كَادَ يُوجِبُهُ. وَقَالَ: الْمَآخِذُ مَحْصُورَةٌ وَالْوَقَائِعُ لَا ضَبْطَ لَهَا فَلَا تَسْتَوْفِيهَا مَسَالِكُ مَحْصُورَةٌ. قَالَ: وَالْمُخْتَارُ عِنْدَنَا: إحَالَةُ ذَلِكَ وُقُوعًا فِي الشَّرْعِ لَا جَوَازًا فِي

1 / 216