البحر المحيط في أصول الفقه

بدر الدين الزركشي ت. 794 هجري
102

البحر المحيط في أصول الفقه

الناشر

دار الكتبي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

القاهرة

وَقَوْلُهُ: " مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ ": يَعْنِي عِنْدَ ذِكْرِ الِاحْتِمَالِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ بِالتَّرْجِيحِ. وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَرَدُّدٌ بَيْنَ إرَادَةِ رُجْحَانِ الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَبَيْنَ رُجْحَانِ الْمُعْتَقَدِ، أَوْ اعْتِقَادِ الرُّجْحَانِ وَلَيْسَ ذَلِكَ ظَنًّا. [مَسْأَلَةٌ الظَّنُّ طَرِيقُ الْحُكْمِ] ِ] وَهُوَ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ إذَا كَانَ عَنْ أَمَارَةٍ، وَلِهَذَا وَجَبَ الْعَمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، وَبِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ، وَخَبَرِ الْمُقَوِّمِينَ وَالْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَتْ عِلَّةُ الْأَصْلِ مَظْنُونَةً. وَشَرَطَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي " الْعِدَّةِ " لِلْعَمَلِ بِالظَّنِّ وُجُودَ أَمَارَةٍ صَحِيحَةٍ، وَعَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسِ مَعَ عَدَمِ النَّصِّ. وَالْأَوَّلُ: يُوَافِقُ تَصْحِيحَ الْفُقَهَاءِ فِي الِاجْتِهَادِ فِي الْأَوَانِي أَنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الظَّنِّ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ، وَالثَّانِي: يُخَالِفُ تَجْوِيزَهُمْ الِاجْتِهَادَ فِي الْأَوَانِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ. قَالَ: وَالظَّنُّ يَقَعُ عِنْدَ الْأَمَارَةِ كَمَا يَقَعُ الْعِلْمُ عِنْدَ الدَّلِيلِ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ ": لَا يَقَعُ عَنْ الْأَمَارَةِ. وَإِنَّمَا يَقَعُ بِاخْتِيَارِ النَّاظِرِ فِي الْأَمَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْجَمَاعَةَ يَنْظُرُونَ فِي الْأَمَارَةِ، وَيَخْتَلِفُونَ فِي الظَّنِّ، وَلَوْ كَانَ كَمَا ذُكِرَ لَعُمِلَ بِالظَّنِّ مِنْ غَيْرِ أَمَارَةٍ.

1 / 104