البحر المحيط في أصول الفقه
الناشر
دار الكتبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
القاهرة
وَأَخَذَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ هَذَا الْخِلَافِ تَكْفِيرَ مُنْكِرِي صِفَاتِ اللَّهِ. وَالْأَصَحُّ: عَدَمُ التَّكْفِيرِ، كَمَا أَنَّ الْأَصَحَّ هُنَا صِحَّةُ النِّكَاحِ، لَكِنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْبَيْعِ إذَا قَالَ: بِعْتُك هَذَا الْفَرَسَ، فَكَانَ بَغْلًا أَنَّ الْأَصَحَّ: عَدَمُ الصِّحَّةِ.
[مَسْأَلَةٌ الظَّنُّ]
الظَّنُّ هُوَ الِاعْتِقَادُ الرَّاجِحُ مِنْ اعْتِقَادَيْ الطَّرَفَيْنِ، وَكَذَا رُجْحَانُ الِاعْتِقَادِ لَا اعْتِقَادُ الرَّاجِحِ أَوْ الرُّجْحَانِ، فَاعْتِقَادُ الرُّجْحَانِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إمَّا مُحَقَّقٌ عَنْ بُرْهَانٍ، وَهُوَ الْعِلْمُ، أَوْ لَا، وَهُوَ التَّقْلِيدُ وَالْجَهْلُ. فَهُوَ مُتَعَلَّقُ نَفْسِ الرُّجْحَانِ، وَهُوَ فِي نَفْسِهِ ثَابِتٌ لَا رُجْحَانَ فِيهِ، وَأَمَّا رُجْحَانُ الِاعْتِقَادِ بِأَنْ يَكُونَ فِي النَّفْسِ احْتِمَالَانِ مُتَعَارِضَانِ إلَّا أَنَّ أَحَدَهُمَا أَرْجَحُ فِي نَظَرِهِ، فَالْأَوَّلُ قَدْ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي الْخَارِجِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الذِّهْنِ، وَقِيلَ: تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ. وَنُقِضَ بِالْجَزْمِ تَجْوِيزُ أَمْرَيْنِ وَلَيْسَ بِظَنٍّ. وَقِيلَ: تَغْلِيبُ أَحَدِ الْمُجَوَّزَيْنِ وَفِيهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيبَ إمَّا فِي نَفْسِ الْمُجَوَّزِ، وَإِمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَقَدْ يَكُونُ جَزْمًا وَقَدْ لَا يَكُونُ، وَالثَّانِي قَرِيبٌ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ أَخِيرًا: إنَّهُ تَرَجُّحُ أَحَدِ مُمْكِنَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ فِي النَّفْسِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ، وَتَارَةً: إنَّهُ تَرَجُّحُ وُقُوعِ أَحَدِ مُمْكِنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ.
1 / 103