بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد
محقق
عبد الكريم بن رسمي ال الدريني
رقم الإصدار
الأولى ١٤٢٢هـ
سنة النشر
٢٠٠٢م
تصانيف
الحديث الحادي عشر: فضل التفقّه في الدين
عَنْ مُعَاوِيَةَ ﵁ قَالَ: قَالَ رسول الله ﷺ: "من يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" متفق عليه١.
هذا الحديث من أعظم فضائل العلم، وفيه: أن العلم النافع علامة على سعادة العبد، وأنّ الله أراد به خيرًا.
والفقه في الدين يشمل الفقه في أصول الإيمان، وشرائع الإسلام والأحكام، وحقائق الإحسان. فإن الدين يشمل الثلاثة كلها، كما في حديث جبريل لما سأل النبي ﷺ عن الإيمان والإسلام والإحسان، وأجابه ﷺ بحدودها. ففسر الإيمان بأصوله الستة. وفسر الإسلام بقواعده الخمس. وفسر الإحسان بـ "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"٢ فيدخل في ذلك التفقه في العقائد، ومعرفة مذهب السلف فيها، والتحقق به ظاهرًا وباطنًا، ومعرفة مذاهب المخالفين، وبيان مخالفتها للكتاب والسنة.
ودخل في ذلك: علم الفقه، أصوله وفروعه، أحكام العبادات والمعاملات، والجنايات وغيرها.
ودخل في ذلك: التفقه بحقائق الإيمان، ومعرفة السير والسلوك إلى الله، الموافقة لما دل عليه الكتاب والسنة.
وكذلك يدخل في هذا: تعلُّم جميع الوسائل المعينة على الفقه في الدين كعلوم العربية بأنواعها.
فمن أراد الله به خيرًا فقهه في هذه الأمور، ووفقه لها.
ودلّ مفهوم الحديث على أن من أعرض عن هذه العلوم بالكلية فإن الله لم يرد به خيرًا، لحرمانه الأسباب التي تنال بها الخيرات، وتكتسب بها السعادة.
_________
(١) أخرجه: البخاري في "صحيحه" رقم: ٧١، ومسلم في "صحيحه" رقم: ١٠٣٧.
(٢) أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: ١ بعد ٨، وهو ضمن حديث جبريل المشهور.
1 / 32