وهذا الخبر عندي غير صحيح، لأن المحفوظ عن الشَّعبي أنه قال: مااستعدت حديثًا قط. ولا تشبه سائر الحكاية أخلاق الشعبي.
قال الشعبي: قال لي عبد الملك جنبني ثلاثًا وأورد عليَّ ما شئت، لا تطرني في وجهي، فأنا أعلم بنفسي، وإياك أن تغتاب عندي أحدًا، واحذر أن أجد عليك كذبة فلا أسكن إلى قولك أبدًا. وهذا مأخوذ من قول العباس لابنه عبد الله ﵄. قال عبد الله بن عباس، قال لي أبي: إني أرى أمير المؤمنين - يعني عمر بن الخطاب - يدنيك دون أصحاب محمد ﷺ فاحفظ عني ثلاثًا: لا يجدنّ عليك كذبًا، ولا تغتابن عنده مسلمًا، ولا تفشين له سرًّا. فقيل له: يا ابن عباس كل واحدة خير من ألف، فقال: كل واحدة خير من عشرة آلاف.
قال عمر بن الخطاب لهنيّ إذ ولاه الحمى: يا هني اضمم جناحك، واتق دعوة المظلوم.
قال الفرزدق:
قل لنصرٍ والمرء في دولة السُّل ... طان أعمى ما دام يدعى أميرا
فإذا زالت الولاية عنه ... واستوى بالرجال كان بصيرا
قال المهلب لابنه: يا بني اخفض جناحك واشتدّ في سلطانك، فإن الناس للسلطان أهيب منهم للقرآن.
كان يقال: ثلاثة من عازّهم رجعت عزّته ذلًاّ، السَّلطان والوالد والعالم.
كان يقال: أربعة تشتد معاشرتهم المتواني، والفرس الجموح، والسلطان الشديد المملكة والعالم.
بصق عبد الملك يومًا فقصر بصاقه، فوقع فوق البساط، فقام رجل من المجلس يمسحه بثوبه. فقال عبد الملك: أربعة لا يستحيا من خدمتهم: السلطان، والوالد، والضيف، والدابة. وأمر للرجل بصلة.
كتب إلى عمر بن عبد العزيز ﵁ عامل له: إنّ مدينتنا قد احتاجت إلى مرمّة. فكتب إليه عمر: حصّن مدينتك بالعدل، ونقّ طريقها من الظلم. قال معاوية بن أبي سفيان: من وليناه من أمورنا شيئًا فليجعل الرفق بين الأمانة والعدل.
قال محمد بن كعب القرظي: قال لي عمر بن عبد العزيز: صف لي العدل يا ابن كعب. قلت: بخٍ بخٍ، سألت عن أمر عظيم. كن لصغير الناس أبًا، ولكبيرهم ابنًا، وللمثل منهم أخًا، وللنساء كذلك، وعاقب الناس بقدر ذنوبهم على قدر احتمالهم، ولا تضربن لغضبك سوطًا واحدًا فتكون من العادين.
كان يقال: ليس شيءٌ أحسن عند الله من حلم إمام ورأفته.
قال زياد لابنه عبيد الله يا بنيّ: إذا دخلت على أمير المؤمنين فادع له، واصفح صفحًا جميلا، ولا تريّن متهالكا عليه، ولا منقبضًا عنه.
قال مالك: قيل لأبي الدرداء: يردُّك معاوية، وأنت صاحب رسول الله ﷺ. فقال الّلهمَّ غفرًا. من يأت أبواب السلطان يقم ويقعد.
قال معاوية: لا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي.
قال معاوية يومًا، وقد ذكر من كان قبله: أما أبو بكر فهرب عن الدنيا، وهربت عنه. وأما عمر فأقبلت إليه وهرب منها، وأما عثمان فأصاب من الدنيا وأصابت منه، وأما أنا فقد داستني الدنيا ودستها.
قال أبو عمر ﵁: سكت عن عليّ، وأنا أقول: وأما عليّ فأصابت الدنيا منه ولم يصب منها.
وروي عن عمر بن الخطاب ﵁ أنه قال: إني لأستعمل الرجل، وأدع خيرًا منه، وذلك أني أستعمله لأن يكون أنقص عيبًا وأوسع رأيًا، وأشد جرأة، وأصبر على الجوع والعطش. وقد روي هذا مرفوعًا إلى النبي ﷺ.
كان يقال: يوم من أيام إمام عادل أفضل من مطر أربعين صباحًا أحوج ما تكون الأرض إليه. قال المهلب: خير الولاة من كان في رعيته كأنه غائب عنها، وهو شاهد فيها وكان المحسن في أيامه آمنًا والمسيء خائفًا.
وقال بعض الحكماء الناس يحبّون سلطانهم على الدِّين، والتواضع ولين الجانب، وينقادون لشدة الطّيش.
قال أبو العتاهية:
رضيت ببعض الذُّلِّ خوف جميعه ... وليس لمثلي بالملوك يدان
وكنت امرءًا أخشى العقاب وأتَّقي ... مغبَّة ما تجني يدي ولساني
ولوأنَّني عاندت صاحب قدرةٍ ... لعرَّضت نفسي صولة الحدثان
فهل من شفيعٍ منك يقبل توبتي ... فإنِّي امرؤٌ أو في كلِّ ضمان
وقال الحسن بن سهل:
فرضت عليَّ زكاة ما ملكت يدي ... وزكاة جاهي أن أعين وأشفعا
فإذا ملكت فجد وإن لم تستطع ... فاجهد بجهدك كلّه أن تنفعا
وقال آخر:
1 / 74