البهجة التوفيقية لمحمد فريد بك
محقق
د .أحمد زكريا الشلق
الناشر
دارالكتب والوثائق القومية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
1426هـ /2005 م
مكان النشر
القاهرة / مصر
اغتنم إبراهيم باشا وأخوه هذه الحركة لتنفيذ مشروعهما وقسما الجيش إلى | فرقتين بعد أن تركا حامية قوية في مدينة ( سنار ) إحداهما تحت قيادة إسماعيل | باشا لفتح البلاد الواقعة على البحر الأزرق إلى حدود الحبشة والأخرى تحت | قيادة إبراهيم باشا لفتح بلاد كردفان ودارفور وبعد أن أتما ما يلزم لهما من | الإستعدادات جمعا الذخيرة والمؤن وتوجه كل منهما لوجهته فقام كل منهما بما | عهد إليه أحسن قيام ونشر علم التمدن في هذه الأصقاع واستبق كل منهما | لخيرات ما سيق إليه وقام بأداء ما يجب عليه ، وانبثت الراحة في هذه البلاد | المتبربرة التي أرخى التوحش عليها سدوله وضرب الجهل بين أهلها أطنابه . فلما | اعتراهما التعب من المشاق الشديدة أرسلا إلى والدهما يطلبان منه العودة إلى | الأهل والوطن وكان ذلك في شهر يوليو سنة 1822 فلم يقع طلبهما هذا عند | | والدهما موقع الإستحسان وأمرهم بالإقامة في السودان حتى ينظما فيه حكومة | ثابتة لا يخشى عليها من طوارق الزمان وبواعث الحدثان ، وآثر المنفعة العمومية | على المحبة الوالدية فبمثل هؤلاء الرجال تسهل المسالك وبضدهم تزول الممالك ، | فلبثا بعد ذلك شهرين في أقاصى هذه البلدان ثم سافر إبراهيم باشا إلى مصر توا | مستصحبا معه بعض الجند .
وأما إسماعيل باشا فمكث بعد أخيه عدة أسابيع لترتيب أمور هذه المملكة | الواسعة المفتتحة حديثا وبعد ما دبر أمورها أرسل بعض الجند ومعهم أسرى | الزنج إلى مصر على طريق البر واستعد للسفر من طريق البحر فبلغه في أثناء | ذلك أن أهالي دنقلة وبربر وما جاورهما أخذوا يتآمرون على معاكسة الحكومة | المصرية لما انتشر بينهم من الأخبار الكاذبة والأراجيف الملفقة التي كان يبثها | بينهم ذووا الأغراض الفاسدة مما يتعلق بانكسار المصريين في ( سنار ) وبلاد | البحر الأبيض فشدوا أزرهم وتكاثروا وتجمعوا حوالي بربر وشندي وهجموا | على قوافل الأسرى التي أرسلها إسماعيل باشا إلى معسكر أسوان قبل | مبارحته السودان وهددوا من كان معهم من العساكر حتى تخلصت الأسرى من | أيديهم ورجعوا إلى شندي فرحين مسرورين بما أوتوا من النصر والظفر على | جيوش المصريين . |
موت إسماعيل باشا :
صفحة ١٠٦