لقريب من النَّاس أَو بعيد، وآثر الْفِقْه وَأَهله، وَالدّين وَحَمَلته، وَكتاب اللَّهِ والعاملين بِهِ فَإِن أفضل مَا تزين بِهِ الْمَرْء الْفِقْه فِي دين اللَّهِ والطلب لَهُ، والحث عَلَيْهِ، والمعرفة بِمَا يتَقرَّب فِيهِ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ الدَّلِيل على الْخَيْر كُله، والقائد لَهُ والآمر بِهِ والناهي عَن الْمعاصِي والموبقات كلهَا، وَبهَا مَعَ توفيق اللَّهِ تزداد الْعباد معرفَة بِاللَّه تَعَالَى ذكره وإجلالا لَهُ، ودركا للدرجات الْعلي فِي الْمعَاد مَعَ مَا فِي ظُهُوره للنَّاس من التوقير لأمرك، والهيبة لسلطانك. والأنسة بك، والثقة بعدلك
وَعَلَيْك بالاقتصاد فِي الْأُمُور كلهَا، فَلَيْسَ شَيْء أبين نفعا، وَلَا أحضر أمنا، وَلَا أجمع فضلا من الْقَصْد، وَالْقَصْد دَاعِيَة إِلَى الرشد دَلِيل على التَّوْفِيق، والتوفيق منقاد إِلَى السَّعَادَة. وقوام الدّين وَالسّنَن الهادية بالاقتصاد، فآثره فِي دنياك كلهَا، وَلَا تقصر فِي طلب الْآخِرَة، وَطلب الْأجر والأعمال الصَّالِحَة، وَالسّنَن الْمَعْرُوفَة، ومعالم الرشد، فَلَا غَايَة للاستكثار من الْبر وَالسَّعْي لَهُ إِذا كَانَ يطْلب بِهِ وَجه اللَّهِ ومرضاته، ومرافقة أوليائه فِي دَار كرامته، وَأعلم أَن الْقَصْد فِي شَأْن الدُّنْيَا يُورث الْعِزّ ويحصن من الذُّنُوب وَإنَّك لن تحوط نَفسك وَمن يليك، وَلَا تستصلح أمورك بِأَفْضَل مِنْهُ فأته وأهتد بِهِ تتمّ أمورك وتزد بِهِ مقدرتك، وَتصْلح بِهِ خاصتك وعامتك وَأحسن الظَّن بِاللَّه جلّ ذكره يستقم لَك رعيتك، وَالْتمس الْوَسِيلَة إِلَيْهِ فِي الْأُمُور كلهَا تستدم بِهِ بِالنعْمَةِ عَلَيْك، وَلَا تنهض أحدا من النَّاس فِيمَا تَوْلِيَة من عَمَلك قبل تكشف أمره بالتهمة، فَإِن إِيقَاع التهم بالبراء والظنون السَّيئَة بهم مأثم، وَأَجْعَل من شَأْنك حسن الظَّن بِأَصْحَابِك واطرد عَنْك سوء الظَّن بهم وأرفضه عَنْهُم، يعنك ذَلِك على أصطناعهم ورياضتهم، وَلَا يجدن عَدو الله الشَّيْطَان فِي أَمرك مغمزا فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَكْتَفِي بِالْقَلِيلِ من وهنك فَيدْخل عَلَيْك من الْغم فِي سوء الظَّن مَا ينغصك لذاذة عيشك. وَأعلم أَنَّك تَجِد بِحسن الظَّن قُوَّة وراحة، وتكفي بِهِ مَا أَحْبَبْت كِفَايَته من أمورك، وَتَدْعُو بِهِ النَّاس إِلَى محبتك، والاستقامة فِي الْأُمُور كلهَا لَك، وَلَا يمنعك حسن الظَّن بِأَصْحَابِك، والرأفة برعيتك أَن تسْتَعْمل الْمَسْأَلَة والبحث عَن أمورك والمباشرة لأمور الْأَوْلِيَاء، والحياطة للرعية، وَالنَّظَر فِيمَا يقيمها ويصلحها، بل
1 / 27