قَالَ وَكَانَ خُرُوج عبد اللَّهِ الصَّحِيح إِلَى مُضر لقِتَال نصر بن شبث بعد خُرُوج أَبِيه إِلَى خُرَاسَان بِسِتَّة أشهر وأستخلف إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم على بَغْدَاد والسندي ابْن يحيى على الْجَانِب الشَّرْقِي، وَعَيَّاش بن الْقَاسِم على الْجَانِب الغربي قَالَ: وَلما ولى طَاهِر ابْنه عبد اللَّهِ ديار ربيعَة كتب إِلَيْهِ كتابا نسخته: -
عَلَيْك بتقوى اللَّهِ وَحده، لَا شريك لَهُ، وخشيته ومراقبته، ومزايلة سخطه، وَحفظ رعيتك، وَلُزُوم مَا ألبسك اللَّهِ من الْعَافِيَة بِالذكر لمعادك وَمَا أَنْت صائر إِلَيْهِ وَمَوْقُوف عَلَيْهِ، ومسئوول عَنهُ، وَالْعَمَل فِي ذَلِك كُله بِمَا يَعْصِمك اللَّهِ، وينجيك يَوْم لِقَائِه من عَذَابه وأليم عِقَابه، فَإِن اللَّهِ قد أحسن إِلَيْك وواجب عَلَيْك الرأفة بِمن أسترعاك أَمرهم من عباده، وألزمك الْعدْل عَلَيْهِم، وَالْقِيَام بِحقِّهِ وحدوده فيهم، والذب عَنْهُم وَالدَّفْع عَن حريمهم وبيضتهم، والحقن لدمائهم، والأمن لسبلهم، وَإِدْخَال الرَّاحَة عَلَيْهِم فِي مَعَايشهمْ، ومؤاخذك بِمَا فرض عَلَيْك من ذَلِك وموقفك عَلَيْهِ وسائلك عَنهُ ومثيبك عَلَيْهِ بِمَا قدمت وأخرت، ففرغ لذَلِك فكرك، وعقلك، وبصرك ورؤيتك وَلَا يذهلك عَنهُ ذاهل، وَلَا يشغلك عَنهُ شاغل، فَإِنَّهُ رَأس أَمرك، وملاك شَأْنك، وَأول مَا يوفقك اللَّهِ بِهِ لرشدك. وَليكن أول مَا تلْزم بِهِ نَفسك، وتنسب إِلَيْهِ فعالك الْمُوَاظبَة على مَا أفترض اللَّهِ عَلَيْك من الصَّلَوَات الْخمس وَالْجَمَاعَة عَلَيْهَا بِالنَّاسِ قبلك فِي مواقيتها وعَلى سننها فِي إسباغ الْوضُوء لَهَا، وافتتاح ذكر اللَّهِ فِيهَا، وترتل فِي قراءتك وَتمكن فِي ركوعك وسجودك، وتشهدك ولتصدق فِيهَا لِرَبِّك نيتك، واحضض عَلَيْهَا جمَاعَة من مَعَك، وَتَحْت يدك، وادأب عَلَيْهَا فَإِنَّهَا كَمَا قَالَ اللَّهِ، تَأمر بِالْمَعْرُوفِ، وتنتهي عَن الْمُنكر، ثمَّ أتبع ذَلِك الْأَخْذ بسنن رَسُول اللَّهِ ﷺ َ - والمثابرة على فَرَائِضه [خلائقه] واقتفاء آثَار السّلف الصَّالح من بعده، وَإِذا ورد عَلَيْك أَمر فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ باستخارة اللَّهِ وتقواه، وَلُزُوم مَا أنزل اللَّهِ فِي كِتَابه من أمره وَنَهْيه، وَحَلَاله وَحَرَامه، وائتمام مَا جَاءَت بِهِ الْآثَار عَن النَّبِي ﷺ َ -، ثمَّ قُم فِيهِ بِمَا يحِق لله عَلَيْك، وَلَا تمل عَن الْعدْل فِيمَا أَحْبَبْت أَو كرهت
1 / 26