بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم الذي علم بالقلم علم الإِنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى الله وصحبه ومن اقتدى بهديه وبعد:
فإن العلم أشرف المطالب، وأجل الرغائب، وأجلُّه وأعلاه معرفة الخالق سبحانه
وتحليل حلاله وتحريم حرامه، وكان رسول الله ﷺ المبلغ عن الله رسالاته المبيّن
لمراده سبحانه، والمعبر عن مقاصد كتابه. فإن العلوم إذا تنوعت وتفاوتت مراتبها كان علم السنة رواية ودراية من أعلاها مرتبة، وأرفعها منزلة بعد كتاب الله تعالى.
وكيف لا يكون وهو كلام الهادي البشير الذي بعثه الله رحمة للعالمين وأوتي القرآن ومثله معه، بأبي هو وأمي صَلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
وقد تسابق في هذا الميدان علماء هذه الأمة خلفًا بعد سلف، وقام اللاحق يتم
ما بدأه السابق، حتَّى أحاطوا كلام رسول الله ﷺ بأسوار منيعة، ورسموا لتلقيه
وحمله ضوابط دقيقة، ووضعوا أصول الرّواية والتحمل حتَّى أحكموا مباني هذا الشأن، ورفعوا مناره فبادروا في استخراج درره وجواهره، وفرعوا الفروع على أضوائه، وقعّدوا القواعد المستنبطة من مدلول جوامعه عقيدة وفقهًا وسلوكًا وآدابًا، ثم جعلوا يؤلفون في كل فن ما يدل عليه ويرشد إلى الصواب فيه ومن ذلك أدلة الأحكام.
وقد اختلفت وجهات النظر لدى الأئمة الأعلام ما بين متوسع ومطول، ومتوسط ومقل، وكان كتاب "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" للعلامة الحافظ ابن حجر قد حاز رضى أهل هذا الفن، وصار من أهم ما يقصده الطلاب حفظًا
المقدمة / 10