واستدلالًا، وقد حوى من الأدلة غالب ما يحتاج إليه الفقيه، فصار عمدة المتأخرين لما امتاز به من حسن الاختيار وذكر علل الأخبار في غالب الأحيان. ولمنزلة مؤلفه لدى أهل هذا الفن انصرفت الهمم إليه، وكتبت عليه الشروح لكشف غوامضه والجمع بين ما يظن التعارض فيه في بعض متونه، وكان شرحه الموسوم "سبل السَّلام" للأمير الصنعاني ﵀ عمدة لحفاظ كتاب البلوغ والمشتغلين به لأنَّه أوسع شرح متداول بين النَّاس وهو من أهم مراجع الطلاب في جامعة الإِمام محمد بن سعود الإِسلامية وغيرها في مادة الحديث، كما هو كذلك في بعض الجامعات العريقة كالجامع الأزهر. وقد اعتمد الصنعاني في شرحه لبلوغ المرام على كتاب سابق ألفه الإِمام القاضي الحسين بن محمد المغربي وسماه "البدر التمام شرح بلوغ المرام" ويمتاز هذا الأصل بما يلي:
١ - العناية بعلوم الحديث دراية ورواية؛ بنقد الأسانيد واستخراج الأحكام من متونها.
٢ - تخريج الأحاديث وبيان طرقها من مصادرها الأصلية، وذكر العلل وآراء العلماء حولها، ممَّا يجعل الناظر المجتزئ بقدر الحاجة يعتمد عليه في العمل بما ذكره عن أسانيد تلك الأحاديث.
٣ - العناية بالمسائل الفقهية المستنبطة من أحاديث الكتاب، إذ إن ثمرة علوم الحديث هي استخراج الأحكام من أدلتها وبيان وجه الدلالة منها.
٤ - أن هذا الأصل لكتاب سبل السَّلام يمتاز عن فرعه بتفصيل ما أجمله وبسط ما طواه وما نجم عن ذلك أحيانًا من غموض أو قصور.
٥ - ولأنه لما تتوافر الهمم لتحقيق هذا الكتاب وطبعه مع ما له من أهمية ومميزات وما ذكرته بعضًا منها.
٦ - أن كتب الشروح تجمع في الغالب كافة الفنون بدءًا بكتب الفن، فتعنى بتخريج الأحاديث ودراسة أحوال الرجال وألفاظ الجرح والتعديل وعلم مصطلح
المقدمة / 11