فإن تيسر له ما يدفع الضرر بالتلف من فضل الله تعالى في القفار وجبت الهجرة إليها وألا يحصل له ما يسد به الفاقة في القفار أو كانت بلد سباع أو أكراد فهجرته بيته بحيث لا يرى منكرا ولا يسمعه ولا يرد عن فعل ما بينه وبين الله تعالى مما لم يتعلق بهم؛ فذلك يكفيه إذا كان الأمر هكذا لقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}(1) ولقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}(2) ولقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضر من ضل إذا اهتديتم}(3) يعني تعالى إذا لم تتركوا جهدا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلم تؤثروا، ثم لم تقدروا على الهجرة فعليكم أنفسكم تحفظونها من فعل المنكر وحضوره والرضاء به، وتحفظونها أيضا عن مواصلة الظلمة والتولي من جهتهم وغير ذلك مما يدخلكم فيما يهوون منكم ولا يضركم ضلالهم حينئذ، وضلالهم على أنفسهم لا نحكم عليكم منه بشيء أبدا.
صفحة ٣٠٨