179

البدر المنير في معرفة الله العلي الكبير

والأصل في قتال البغاة وأحكامهم هذه كلها أفعال أمير المؤمنين علي عليه السلام وأقواله يوم صفين ويوم الجمل وهي حجة، وأفعاله وأقواله حجة وأيضا فلم ينكر عليه ذلك أحد بل صوبوه وكان ذلك إجماعا؛ فإذا كفت الواجبات لهذه الأشياء وأشباهها فلا يحل أخذ شيء غيرها لقوله تعالى: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}(1) ولقوله [47ب] -صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه))(2) فإذا لم تكف الواجبات أو عدمت في بعض الأحوال جاز أخذ الكفاية من خالص أموال المياسير إن علموا ولم يؤدي خصوصهم إلى مفسدة وإلا كان على الكل غير من في الجهاد إلا أن يكون غنيا معلوم الغنى ومن علم ضعفه ببينة بظاهر حاله مع خبرة قلة ذات يده أو عرفت جودته وعدالته أنه لا يكذب وادعى الفقر أو كان يتيما أو ضعيفا ولم يظهر غناه وجب إسقاط ما عليهم جميعا ويواسون بنصيبهم من بيوت الأموال أيضا وذلك لقوله تعالى: {ما على المحسنين من سبيل}(3) وقوله تعالى: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}(4) ويواسون لقوله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين...إلى آخرها}(5).

وهذا بعض ما أردنا تحقيقه في كتاب الإمامة، وسيأتي الباقي -إن شاء الله تعالى- وكل ذلك من أصول الدين وما له حكمه، والله يوفق الجميع لما يحب ويرضى آمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم.

صفحة ٢٣٢