بدر التمام شرح لامية شيخ الإسلام
الناشر
مركز النخب العلمية-القصيم
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٣٧ هـ - ٢٠١٦ م.
مكان النشر
بريدة
تصانيف
وأدلة مذهب السلف في ذلك كما يلي:
أولًا: قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ﴾ الآية [الفتح:١٥]، وقال تعالى: ﴿وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ﴾ [التوبة:٦]. فهاتان الآيتان وغيرهما دليل على أن القرآن هو كلام الله.
ثانيًا: قولهم: إن الله تكلم به حقيقة بصوت مسموع، دليله ما جاء في حديث ابن مسعود ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «إِذَا تَكَلَّمَ اللهُ بِالْوَحْيِ سَمِعَ أَهْلُ السَّمَاءِ لِلسَّمَاءِ صَلْصَلَةً كَجَرِّ السِّلْسِلَةِ عَلَى الصَّفَا فَيُصْعَقُونَ، فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ جِبْرِيلُ، حَتَّى إِذَا جَاءَهُمْ جِبْرِيلُ فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ. قَالَ: فَيَقُولُونَ: يَا جِبْرِيلُ مَاذَا قَالَ رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: الْحَقَّ، فَيَقُولُونَ: الْحَقَّ الْحَقَّ» (^١).
فالحديث يدل على أن أهل السماء يسمعون كلام الله ﷿ إذا تكلم بالوحي، والسماع لا يمكن أن يتحقق إلا إذا كان بصوت مسموع، ومن المعلوم أن القرآن يدخل في عموم لفظ الوحي.
ثالثًا: وأما قولهم: «بحرف»، فدليله ما جاء أيضًا من حديث ابن مسعود ﵁، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لَا أَقُولُ ﴿الم﴾ حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ
_________
(^١) أخرجه البخاري تعليقًا (٦/ ٢٧١٩)، ووصله في خلق أفعال العباد ص (٩٢ - ٩٣)، وأخرجه أيضًا أبو داود (٢/ ٦٤٨) رقم (٤٧٣٨).
1 / 69