بذل النظر في الأصول
محقق
الدكتور محمد زكي عبد البر
الناشر
مكتبة التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: حذر على مخالفة الأمر وتوعد عليه، ومخالفة الأمر هو الإقدام على ما منع منه الآمر- دلَّ على أن ترك الفعل المأمور به محذور متوعد عليه، وهو المعنى بالوجوب، والدليل عليـ[ـه] أنه حذرهم من مخالفة الأمر، فإنه قال: ﴿لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا﴾، فالله تعالى حثهم على الرجوع إلى أقواله والتزام العمل به- قال الله تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾ - دلَّ أنه إنما حذَّرهم عن مخالفة ما قد دعاهم إليه من الرجوع إلى أقواله والتزام العمل به. وإن كان "الهاء" في "أمره" راجعًا إلى اسم الله تعالى، فذاك يقتضي الرجوع إلى أوامر الله تعالى ووجوب العمل بها.
فإن قيل: لم قلتم إن مخالفة الأمر هو الإقدام على ما منع منه الآمر، بل مخالفة الأمر هو إنكار حقيقته. ولئن كان مخالفة الأمر ما ذكرتم، لكن المذكور في الآية ليس مخالفة الأمر بل المخالفة عن الأمر، فإنه قال: ﴿يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ﴾، وذلك ما قلنا- قلنا: [أولًا] الدليل على أن مخالفة الأمر هو الإقدام على ما منع منه الامر، لا ما قلتم: إن المخالفة ضد الموافقة. ثم موافقة الأمر فعل ما يطابقه. ومما يوضح ذلك أن موافقة قول القائل "افعل" أن يفعل.
1 / 65