بذل المجهود في حل سنن أبي داود
الناشر
مركز الشيخ أبي الحسن الندوي للبحوث والدراسات الإسلامية
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م
مكان النشر
الهند
تصانيف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الواجب قبيل الصلاة عند أدائها في المسجد، أو يأتي عند الوضوء، أو يأتي عند الوضوء والصلاة جميعًا؟، فنظرنا في ذلك، فرأينا أنه ﷺ ما استاك مرة من الدهر قبيل الصلاة عند عقد التحريمة، ولم يثبت ذلك عنه ﷺ ولا عن خلفائه -رضي الله تعالى عنهم -، ولو فعله ﷺ لنقلت عنه تواترًا، كما نقلت الواجبات الآخر، بل ثبت عنه ﷺ أنه إذا استاك للصلاة يستاك عند الوضوء وقبله، كما يدل عليه الروايات الآتية في "باب السواك لمن قام بالليل"، فحينئذ إما أن يكون هذا الاستياك هو ما يجب عليه للصلاة أو غيره، ولا يمكن أن يكون غيره، فثبت أنه هو الواجب.
فظهر بهذا أن المراد بالسواك عند كل صلاة كما في الرواية المتقدمة، وبالسواك لكل صلاة كما في هذه الرواية، هو ما يكون عند الوضوء لا ما هو عند الصلاة، وأنه ﷺ ما ترك الاستنان قبل الصلاة، إلَّا لأنه اعتدّ الاستنان الذي في الوضوء عن الذي هو عند الصلاة، وعلم أن هذا يؤدي الواجب الذي هو عند الصلاة، ويكفي عنه، فإن لفظ "عند" لا يدل على المقارنة. ويؤيد ذلك أن حالة الصلاة حالة المناجاة مع الرب ﷾، وفي حالة المناجاة كره ﷺ النخامة في قبلة المسجد، وشق ذلك عليه حتى رئي في وجهه، فقام، فحكّه بيده فقال: "إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، أو إن ربه بينه وبين القبلة"، وكره البصاق في المسجد، وجعل كفارة تلك الخطيئة دفنها، فيستحيل العقل الغير المشوب بالهوى مع هذه التشديدات أن يندب ﷺ أمته إلى أن يستاكوا عند إقامة الصلاة، وتكون الأسوكة المتلطخة بالبصاق وبما أزالوه من النتن والأذى عند نواصيهم على آذانهم فيما بينهم وبين القبلة، وقد منعوا عن أقل وأهون من ذلك، فما هو إلَّا أن رسول الله ﷺ أراد بقوله: "بالسواك عند كل صلاة" أي عند وضوئها.
1 / 322