وانتظم في سلك أولياء الشيطان ، وإن لبسه عاريا من ذلك القصد الشنيع فأقل حاله أن يكون عاصيا غير مطيع ، ولبسه صلى الله عليه وسلم للخميصة الشامية ، والجبة الشامية ، والحبرة اليمانية ، والثياب السحولية ، لا يدل على جواز ذلك ، فإن الثياب الفاخرة في عصره صلى الله عليه وسلم وقبل زمانه ، وكان في الناحيتين أعني اليمن والشام من العرب الألوف المألفة ، بل اليمن كلها للعرب ، وغالب الشام كذلك ، وإن كان الملوك فيها الروم ، فملابس العرب في ذلك العصر متحدة ومتقاربة ، وهي خلاف ملابس الروم والقبط والترك وأشباههم ، فلا تشبث لمتشبث بلبسه صلى الله عليه وسلم لتلك الملابس المذكورة ، وهدية الكرزية المذكورة في الاعتراض لا أعرفها ، ولا أعرف من ذكرها ، ولا أعرف الأثر الذي ذكرت فيه ، وليت شعري - الكرزية ما هي ؟ هل هي من ذوات الأكمام ؟ أم لا ؟ وما هذا الاسم أعربي أم لا ؟ ولو وجد ذكرها كذلك ، لما صح الاحتجاج بها ، حتى صح نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنها من لباس الروم خاصة ، وأنى لكم بذلك ؟ وقولكم اللباس ليس من العبادات ، ولا من الإعتقاديات ، إنما هو من العادات ، جوابه : لو كان من الإعتقاديات لزم الشرك والعياذ بالله ، وحيث كان من العادات كان الأمر فيه دون ذلك ، وقد ثبتت النصوص عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في النهي عن التشبه بالأعاجم ، وعن التشبه باليهود والنصارى ، وعن التشبه بمطلق الكفار في جميع أحوالهم جملة وتفصيلا .
صفحة ٢٣