وقال في الفصل الثاني والثلاثون ، اعلم أن من جهال المسلمين من يتقرب إلى قلوب النصارى والإفرنج ، بوضع ولده في مدارسهم ويتودد إليهم بذلك حتى يحبوه ، ويقولوا أن فلانا ليس عنده عصبية دينية فيا أيها الجاهل الفاسق ، لأي شيء تتغير من نسبتك إلى العصبية الدينية وتسترها عنهم وهم يفتخرون بها ، يظهرونها بعدم وضع أولادهم في غير مدارسهم ، مع أن دينهم من أبطل الباطل الذي ينبغي أن يتعير به حقيقة ، ودينك أحق الحق الذي يفتخر به حقيقة ، أما أنت فمنسوب لدين الإسلام الذي هو خير الأديان ن وأفضل ما عبد به الرحمن ن بل هو الدين الحق ، الوحيد الذي ما على فضله وكماله في السابقين واللاحقين من مزيد ، فنحن والحمد لله ، لنا كل الفخر في هذه النسبة الشريفة ، التي لا شرف أشرف منها .
ويا ليت شعري ، ما هي العصبية الدينية ، هل هي إلا أن تتمسك بدينك ،وتحل ما أحل الله ، وتحرم ما حرم الله ، وتحب في الله ، وتبغض في الله ، وهل الدين غير هذا ، وأنت تعلم أن دين الإسلام قد بني على الإعلان والإظهار ، لا على التكتم والاستهتار .
أما ترى الله كيف شرع الأذان في كل يوم خمس مرات ، وبنوا لذلك المآذن ، وأعلنوه غاية الإعلان ، وأظهروه غاية الإظهار ، على رؤوس الأشهاد ، في جميع البلاد ، أتستره أنت أيها الجاهل الفاسق ، بتوهمك أن إظهاره عليك عار ، وأنك بذلك تستجلب مودة الكفار ، أف لك من مسلم ساقط الهمة عديم النخوة ، هل سمعت قط أن عاقلا يجتهد في ستر شرفه ، الذي لا شرف مثله ؟ ويتغير بإعلانه بين أعدائه وإخوانه ؟
صفحة ١٦