226

البدائع

تصانيف

لطول نحولي بعدكم وشحوبي

الوداع، لعلي ما رأيت نعمة في نقمة، ومنحة في محنة، أو بؤسا في نعيم، وروحا في جحيم، إلا في موقف التوديع، ومشهد التشييع. فلو رأيتني حينذاك لرأيت يسراي على قلبي مخافة أن ينشق الصدر عنه، فإذا أنا صريع، ويمناي تتعرف معالم الترف ومعاهد النعيم، من حبيبي الراحل وأنيسي الظاعن، فإذا رأيت ثم رأيت وحشة وأنسا، ونعمة وبؤسا، ورأيت عينا لم تشغلها الدموع عن النظر، ولا أغناها النظر عن الدموع، فهي ناعمة بائسة، وآملة يائسة، وضاحكة باكية، وطائعة عاصية.

حجبوها حتى بدت لفراق

كان داء لعاشق ودواء

أضحك البين يوم ذاك وأبكى

كل ذي صبوة وسر وساء

فجعلنا الوداع فيه سلاما

وجعلنا الفراق فيه لقاء

الوداع، إنه كالعشق، يجعل الجبان شجاعا، والبخيل سخيا، فقد كنت أجبن عن لقاء من أهوى، فجرؤت يوم البين على سلامه، وحديثه وضمه وعناقه، وكان بخيلا بملاطفتي ومجاملتي، فسخا يوم ذاك، وحياني وفداني.

لم أنس إذ ودعته والتقى

صفحة غير معروفة