137

بدائع السلك في طبائع الملك

محقق

علي سامي النشار

الناشر

وزارة الإعلام

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٩٨ هجري

مكان النشر

العراق

فِي الْقلب حَال العصبية أَن تمون فِي أحد الْجَانِبَيْنِ عصبية وَاحِدَة جَامِعَة لكلهم وَفِي عصائب مُتعَدِّدَة والجانبان متقاربان فِي الْعدة فَإِن الَّذِي عصبيته وَاحِدَة أقوى من الَّذِي عصائبه مُتعَدِّدَة لوُقُوع التخاذل بَينهم كَمَا فِي الوجدان المفترقين الفاقدين للعصبية لتنزل كل عِصَابَة مِنْهُم منزلَة الْوَاحِد فَيكون الْجَانِب الَّذِي عصابته مُتعَدِّدَة لَا يُقَام الَّذِي عصبيته وَاحِدَة لجل ذَلِك
قلت فِي حَدِيث وَفد بني عبد الْحَرْث بن كَعْب أَن رَسُول ﷺ قَالَ لَهُم بِمَ كُنْتُم تغلبون من قاتلكم فِي الْجَاهِلِيَّة قَالُوا لم نَكُنْ نغلب أحدا قَالَ بلَى قد كُنْتُم تغلبون من قاتلكم قَالُوا نغلب من قاتلنا يَا رَسُول الله أَنا كُنَّا نَجْتَمِع وَلَا نتفرق وَلَا نَأْخُذ أحد بظُلْم قَالَ صَدقْتُمْ
مغلطة قَالَ وَلم يحملهُ على ذَلِك إِلَّا نِسْيَان شَأْن العصبية فِي جيله وبلده وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُونَ الدفاع والمطالبة إِلَى الوجدان وَالْجَمَاعَة الناشئة عَنْهُم لَا يفترقون فِي ذَلِك عصبية وَلَا نسبا مَعَ أَن هَذَا على تَقْرِير صِحَّته إِنَّمَا هُوَ من الْأَسْبَاب الظَّاهِرَة كاتفاق الجنسين فِي الْعدة وَصدق الْقِتَال وَشبه ذَلِك فَكيف يَجعله سَببا كَفِيلا بالغلب وَشَيْء من ذَلِك لَا يُعَارض الْأَسْبَاب الْخفية من الْحَبل والخدع وَلَا الْأُمُور السماوية من الرعب والخذلان الإلهي فاعلمه وتفهم أَحْوَال الْكَوْن فَالله يقدر اللَّيْل وَالنَّهَار انْتهى
استطراد قَالَ وَيلْحق بِمَعْنى الغلب فِي أَن أَسبَابه خُفْيَة وَغير خُفْيَة طبيعية حَال الشُّهْرَة والصيت فَقل أَن يُصَادف موضعهَا قي أحد من

1 / 170