ناقشت الطالب في رسالته التي قدمها في تاريخ أبي العلاء المعري، ثم في العلمين اللذين اختارهما، وهما: الجغرافيا عند العرب، والروح الدينية للخوارج، واستمرت المناقشة ساعتين وسبع دقائق. وبعد نهاية الاختبار اجتمعت للمداولة فيما يستحقه الطالب من الدرجات، فقررت أنه يستحق: (أ)
درجة جيد جدا في الرسالة. (ب)
درجة فائق في الجغرافيا عند العرب. (ج)
درجة فائق في الروح الدينية للخوارج.
وفي منتصف الساعة الثامنة أعلنت هذه النتيجة للجمهور وسط قاعة الامتحان.
رئيس لجنة الامتحان
محمد الخضري
5 مايو سنة 1914
وتلقت الجماعة الضخمة التي كانت تضيق بها القاعة هذا الإعلان بالتصفيق الشديد الملح، ثم وقف علوي باشا رحمه الله فأعلن أنه تبرع بجائزة قدرها عشرون جنيها لأول طالب تخرج في الجامعة المصرية، فاتصل التصفيق. ثم تفرق الجمع، وانصرف الفتى مع رفاقه فأنفقوا ساعات في بيت الزيات لم يتحدثوا فيها إلا بأمر الرسالة والامتحان وما أتيح لصديقهم من فوز.
ولم ينم الفتى من ليلته تلك ... حال الابتهاج بينه وبين النوم، وهو يعلم أنه ما أحس السعادة قط كما أحسها في ذلك اليوم وفيما تلاه من الأيام، لا لأنه ظفر بهذه الدرجة الجامعية، ولا لأنه كان أول ظافر بها، ولا لهذه الاحتفالات التي أقيمت له، ولا لكثرة ما تحدثت الصحف عنه وعن فوزه، ولا للعشرين جنيها التي أجازه بها علوي باشا، والتي كانت تزيد على مرتب أبيه عن شهر كامل ملؤه الجد والكد والعناء، بل لشيء آخر بعيد عن هذا أشد البعد، قريب منه أشد القرب؛ وهو أنه قد قبل تحدي الجامعة وظفر بدرجة الدكتوراه، وأصبح سفره إلى فرنسا دينا له على الجامعة ليس لها بد من أن تؤديه إليه.
صفحة غير معروفة