قال فلوري حين أتى الساقي بالويسكي والصودا الفاترة: «هل تعلم من الذي سيأتي للاجتماع؟» «المجموعة بأسرها على ما أعتقد. لقد عاد لاكرستين من المعسكر منذ ثلاثة أيام. لقد استمتع هذا الرجل أيما استمتاع بعيدا عن زوجته! فقد كان المفتش يخبرني بما يجري في معسكره. كانت تأتيه أعداد كبيرة من المومسات. لا بد أنه جلبهن خصيصا من كياوكتادا. سوف يلقى عقابا شديدا حين ترى زوجته فاتورة النادي. فقد أرسلت اثنتا عشرة زجاجة ويسكي إلى معسكره في أسبوعين.» «هل سيأتي الشاب فيرال؟» «لا؛ فهو عضو مؤقت. إنه لم يكن ليهتم بالحضور على أي حال، ذلك التافه الصغير. ماكسويل أيضا لن يأتي. يقول إنه لا يستطيع مغادرة المعسكر بعد. وأرسل رسالة قال فيها إن إليس سينوب عنه في حالة إجراء تصويت. لكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك شيء للتصويت عليه، صحيح؟» أردف قوله هذا وهو يرمق فلوري بنظرة مواربة؛ إذ تذكر كلاهما مشاجرتهما السابقة بشأن هذا الموضوع. «أعتقد أن الأمر يتوقف على ماكجريجور.» «ما أعنيه هو أن من الأحرى بماكجريجور أن يتغاضى عن هذا الهراء اللعين بشأن انتخاب عضو من أهل البلد، أليس كذلك؟ ليس هذا بالوقت المناسب لذلك. بعد التمرد وما إلى ذلك.»
قال فلوري: «صحيح، ما الذي جرى في التمرد؟» فلم يرد أن يبدأ المشاحنة بشأن انتخاب الطبيب من الآن. فقد أراد أن يتجنب المتاعب بضع دقائق «هل من أخبار جديدة؟ هل تعتقد أنهم سيحاولون محاولة أخرى؟» «لا، لقد انتهى الأمر تماما، على ما أخشى. لقد نكصوا نكص الجبناء. صارت المنطقة بأسرها هادئة مثل مدرسة لعينة للفتيات. شيء محبط للغاية.»
وجف قلب فلوري إذ سمع صوت إليزابيث في الحجرة المجاورة. في هذه اللحظة دخل السيد ماكجريجور، يتبعه إليس والسيد لاكرستين. بهذا اكتمل النصاب، فلم يكن لعضوات النادي حق التصويت. كان السيد ماكجريجور مستعدا يرتدي بذلة حرير ويحمل دفاتر حسابات النادي تحت إبطه. وبهذا استطاع أن يضفي مظهرا شبه رسمي حتى على أمر بسيط مثل اجتماع النادي.
قال السيد ماكجريجور بعد تبادل التحيات المعتادة: «حيث إننا جميعا هنا كما يبدو، فسوف ... آه ... نباشر أعمالنا.»
قال ويستفيلد وهو يجلس: «تفضل.»
قال السيد لاكرستين: «فليناد أحدكم الساقي بحق المسيح. أخاف أن تسمعني زوجتي وأنا أناديه.»
قال السيد ماكجريجور بعد أن رفض تناول الشراب وأخذ كل من الآخرين واحدا: «أعتقد أنكم تريدون مني مراجعة حسابات نصف العام قبل أن نستغرق في جدول الأعمال؟»
لم يكونوا راغبين في ذلك على وجه التحديد، لكن راح السيد ماكجريجور يراجع كل الحسابات بدقة متناهية؛ إذ كان يستمتع بهذا النوع من الأشياء. أما فلوري فقد هامت به أفكاره. فبعد قليل سينشب شجار شديد، ويا له من شجار خطير! فسوف يسخطون حين يلاقونه يقترح اسم الطبيب بعد كل ما كان. وكانت إليزابيث في الحجرة المجاورة. استحالة ألا تسمع الشجار حين ينشب. وسوف تزداد احتقارا له على احتقارها حين ترى الآخرين وهم يوبخونه. هل سيراها هذا المساء؟ هل ستتحدث معه؟ أخذ يحدق في النهر اللامع الذي امتد على مساحة ربع ميل. كان على الضفة البعيدة رهط من الرجال، ارتدى أحدهم عمامة خضراء، منتظرين بجانب زورق. وفي قناة عند الضفة القريبة، كان ثمة صندل هندي رديء الصنع ضخم الحجم يسير ببطء يائس وهو يشق طريقه بصعوبة ضد التيار السريع. مع كل ضربة كان المجذفون العشرة، الدرافيديون المهزولون، يتقدمون إلى الأمام وينزلون بمجاذيف بدائية بشفرات على شكل قلوب، في الماء. كانوا يشدون قاماتهم الهزيلة، ثم يتراجعون بمشقة، وقد شدت أجسامهم وتلوت، مثل كائنات معذبة من مطاط أسود، فيتقدم جسم الصندل الثقيل ياردة أو ياردتين. بعد ذلك كان المجذفون يثبون إلى الأمام، وهم يلهثون، لينزلوا بمجاذيفهم مرة أخرى في الماء قبل أن يكبح التيار الصندل.
قال السيد ماكجريجور بنبرة أكثر جدية: «والآن سنأتي إلى النقطة الرئيسية في جدول الأعمال. وهي بالطبع تلك ... آه ... المسألة البغيضة، التي أخشى أنه لا بد من مواجهتها، بشأن اختيار عضو من أهل البلد لهذا النادي. حين ناقشنا المسألة قبل ذلك ...» «ماذا بحق الجحيم!»
كان إليس هو من قاطع الحديث، وكان منفعلا للغاية حتى إنه هب واقفا . «ماذا بحق الجحيم! لا شك أننا لن نخوض في هذا الأمر مجددا. تتحدث عن اختيار زنجي لعين لهذا النادي، بعد كل ما حدث! يا إلهي، أعتقد أن فلوري نفسه قد تغاضى عن الأمر الآن.» «يبدو صديقنا إليس متفاجئا. أعتقد أن المسألة نوقشت من قبل.» «أعتقد أنها كانت نوقشت بالفعل من قبل! وكلنا قلنا رأينا فيها. بالله ...»
صفحة غير معروفة