السيرك يأتي في إجازة العيد، أرى الخيمة منصوبة، فأتعجب أبي للذهاب، كان أبي يتلكأ دائما، ينتظر الأقارب أو زوار العيد، هؤلاء العمات أو الخالات، لم يكن في العيد أثقل من الزوار، يتجمد قلبي وأنزوي في غرفتي، ماذا أفعل لأنقذ فرحة العيد من الضياع؟
أنتظر في غرفتي أقضم أظافري، أرهف أذني لأسمع صوت أبي يناديني: نوال، تعالي سلمي على عمتك رقية وطنط نعمات.
تظلم الدنيا في عيني، تصبح عمتي رقية وطنط نعمات أقبح وجوه في الكون، أخرج من غرفتي وأسلم عليهما، أطيع أبي ليرضي عني.
كان السيرك يبدأ أول أيام العيد، ويبقى حتى آخر اليوم، لم يكن أبي يأخذنا إلا في اليوم الأخير، منذ بداية النهار أرتدي ملابسي وأستعد، أبي يتحرك في بطء، يفرغ صبري، لا أطيق الانتظار. - يا بابا! السيرك! - سيرك إيه وكلام فارغ إيه، خليكي هنا مع مامتك ساعديها في المطبخ!
هذا هو صوت طنط نعمات أو عمتي رقية أو واحدة أخرى من النسوة، يسقط قلبي في قاع قدمي، أنظر إلى أبي، إنه متردد، سيأخذ أخي ويتركني، يشفق على أمي من التعب.
صوت أمي ينقذني: خذ نوال معاكم يا سيد، أنا مش عاوزة مساعدة.
أبي يحاول التقرب إلى أمي على حسابي، يقول لها بصوت حنون: خليها هنا تساعدك يا زينب، والشغل كتير عليكي في العيد.
يغوص قلبي مرة أخرى إلى قدمي، أتجمد واقفة في الصالة، أحملق في وجه أبي وأمي، يتبادلان الابتسامات، يغمز أبي لأمي بطرف عينه مؤكدا: خليها معاكي في المطبخ يا زينب.
أتلفت حولي، أنظر في العيون، أحاول أن أعرف الحقيقة، هل يقول أبي ذلك من باب الدعابة أو الفكاهة، كان يعرف أنني لا أطيق كلمة «المطبخ».
أخيرا بعد أن يتصبب مني العرق أرى أبي يبتسم لي ويقول: سماح المرة دي، تعالي معانا.
صفحة غير معروفة