أكدت أمي أن الله عادل، اطمأن قلبي.
لا أريد لأمي أن ترى دموعي في العيد، في الصالة تضحك بصوتها المرح، عيناها العسليتان يكسوهما بريق الفرح، لم أر الدموع في عينيها إلا مرة واحدة.
دخلت إلى غرفتها في يوم العيد، لمحتني في المرآة، مسحت عينيها بالمنديل. - انتي بتعيطي يا ماما؟ - لا أبدا. - عينيكي حمرا يا ماما. - كنت باحط فيها قطرة.
لم يكن في يدها زجاجة قطرة، لا شيء في يدها، إنها تخفي عني شيئا، هذا الشيء يجعل جسدي يقشعر، أتشك أمي في عدالة الله؟ أتسأله لماذا يفضل الذكور؟
كأن الله يختفي في الظلمة، أخفي رأسي تحت الغطاء؟ أنهض من السرير مذعورة، أتوضأ، أصلي، أدفن وجهي في سجادة الصلاة: «أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم.» هذه العبارة أرددها المرة وراء المرة حتى يجف حلقي.
أصبحت المثل الأعلى للصلاح والتقوى بين البنات في عائلة أبي وأمي، ابتهج الجميع بالإيمان الهابط من السماء، أكثرهم ابتهاجا ستي الحاجة، تراني راكعة فوق سجادة الصلاة، دافنة وجهي في الأرض، فتقول إنني بلغت سن الرشد، إنني عرفت الله، إنني استويت مثل التينة البرشومي. إن الله سيرسل إلي عريسا من السماء، يقطفني مثل الثمرة من فوق الشجرة، وإلا سقطت إلى الأرض وأصابني العطب.
لم تكن أمي تفكر في العريس، كانت مشغولة طول الوقت، بطنها يرتفع، تأتي الحكيمة وأسمع صراخ أمي، المولود يخرج من بطن أمي، لم أعرف كيف يدخل.
إذا سألت السؤال تنهرني العيون، حياة النساء غريبة تحوطها الأسرار، بطونهن المرتفعة تبدو لي مخيفة.
كان أبي يؤمن بالتعليم مثل ستي الحاجة، تعليم البنات والأولاد، هي تؤمن بتعليم الصبيان فقط، علمت ابنها، وابن زوجها من امرأة أخرى، لم تعلم بنتا واحدة من بناتها الخمس، بقين معها في القرية فلاحات، إلا عمتي الصغيرة نفيسة، أرسلت بناتها إلى المدارس مثل الأولاد.
لم يكن في منوف إلا المدارس الأولية والإلزامية، وبعض المدارس الابتدائية الحكومية، ومدرسة التجارة المتوسطة والصنايع، ومدرسة ثانوية واحدة للبنين. القادرون على دفع المصروفات كانت لهم مدارسهم الخاصة. في الفرندة المطلة على الحقول، يجلس أبي ونحن الأطفال حوله، يحكي لنا عن معاركه الجديدة، الصراع يدور بين الأحزاب وداخل الحكومة، النواب في البرلمان يعارضون التعليم الإلزامي، صاح أحد الباشوات واسمه «البدراوي عاشور»: «أيها السادة، هذا التعليم المجاني يؤدي إلى أن يتحول أصحاب الجلابيب الزرقاء إلى أصحاب جلابيب مكوية! سوف يتعلم أولاد الفلاحين ويصبح من الصعب عليهم أن يمسكوا الفأس بعد ذلك.» أحد الباشوات الآخرين، اسمه وهيب دوس، قال: «تعليم أولاد الفقراء خطر اجتماعي هائل يؤدي إلى ثورات نفسية.» باشا آخر اسمه «طلعت حرب باشا» قال: «التعليم يؤدي إلى تفتيح الأذهان، وهذا خطر على الحكومة.»
صفحة غير معروفة