ثم تأملتها شيئا، ثم نحت إلي بصرها
3
وقالت: ما أرى هذا الحب إلا كورق الورد في حياته ورقته وعطره وجماله، ولا أوراق الوردة إلا مثله في انتثارها على أصابع من يمسها إذا جاوز في مسها حدا بعينه من الرفق، ثم في تفترها على إلحاح من يتناولها إذا تابع إلحاحه عليها ولو بالتنهد، ثم في بناء عقدها على أن تتحلل أو تذوي إن لم يمسكها مع بنائها الرفيق حذر من أن تكون في يده
4 ... لأنها على يده فن لا وردة.
ثم دنت الشاعرة الجميلة فناطت وردتها إلى عروة صاحبها فقال لها: وضعتها رقيقة نادية في صدري، ولكن على معان في القلب كأشواكها ... فاستضحكت، وقالت: فإذا كتبت يوما معاني الأشواك فسمها «أوراق الورد» وكذلك سماها! •••
عمر الورد فصل من السنة! أما الشوك فعمره ما بقيت الشجرة وما بقي حطبها، ولذلك ينسى الحبيب ويذهب الحب، ويبقى بعدهما القلب العاشق وليس بينه وبين آلامه إلا كما ذر الضياء بين أول الفجر وآخرة الليل في مرأى من النور والظلمة يخيل إليك من غبشه
5
أن الليل ظلام مكفوف وراء حائط من البلور: فالآلام دائما بمنزلة من القلب المحب والأشواق منه أبدا على أسباب؛ ومن أحب مرة فما اهتدى إلى حبيب ينتهي منه إذا سلاه، وإنما ابتدأ في جمال هذا الحبيب أشواق الحياة التي لا تنتهي، وعرف من الحب طريقا بين الحس والغيب آخره دائما أول غيره كطريق السماء لعينك؛ كل مسافة أنت مقدرها فيه تراها قد نيطت بمسافة أخرى
6
إلى ما لا ينتهي ولا ينقطع؛ إذ ليس ذلك اتصالا بين المسافات المكونة للأبعاد أكثر مما هو اتصال بين النواميس المكونة للأبدية.
صفحة غير معروفة