ولست أطيل في زينتك يا رسالة الغضب، فإنك كالنعش: لا يزينه قوم إلا ولهم ميت! ... كلا كلا!
هدية شتم ...
نشرت مرة في بعض المجلات الفرنسية مقالا فهم منه القراء كلمات نبيلة، وفهم هو منه كلمات شتم فكتب هذه الرسالة:
1
في الحب يتكلم قلب المرأة العاشقة بمنطق فصيح من أعمالها، فأعمالها عندها على طريق اللغة والتعبير قبل أن تكون لعلة أخرى من العلل، فإذا أنت حملتها على ظاهرها وكنت المقصود بها فقد جزت بها عن طريقها وأخطأت سحرها وجمالها، بل تكون قد أهنتها، وابتذلت المعنى السامي المخبوء لك فيها ليكون لك وحدهك.
قد تشتمك من تحبها؛ لأنها تحبك وتعزك، ويأبى لها شعورها بكبرياء الحب إلا أن تنبذ لك بلفظة متكبرة وهي قد وثقت أنها تخصك منها بمعنى ما ... وقد تعرض عنك من دون الباقين؛ لأنك وحدك الآمر الناهي المتسلط عليها، فهي تخصك من إعراضها بهدية ... وقد تعالنك بأشد البغض، وتدع قلبك يشبهها لك مراغمة جافية متعسرة غليظة الكبد، لا من بغضة ولا جفاء ولا معاسرة ولا غلظة، بل من أنك أذللتها بهواك، فكل ما تشتمك به إنما تتأوه فيه ... والكلمة التي تفصل عن المرأة في مثل هذه الحالة من سرها المجروح: لا تراد لتكشف عن معنى يكون فيها، بل لتغطي على معنى يكون في غيرها ...
وهي كلمة وتاريخ وشعور في وقت معا ، وهي كالموجة: تحتها التيار وفوقها الريح، وشرحها وأسبابها في هذين لا فيها، تشتمك لتقول لك إني أعلم أني أحبك أحبك، فإياك أن تظن أني أحبك ... •••
وما أشبهها بالشمس وهذه المسبة منها كالغيم أثقله الماء فإذا الشعاع على قطراته رأيت فن الشمس لا فن الغيم، وإذا قوس قزح في سبعة ألوان جميلة زاهية يذوب بعضها في بعض تبرا ولجينا وجواهر شتى.
وكلمة الشتم من العدو تنزل من القلب منزلة الدمل يأكل موضعه ويتسع ليأكل مواضع أخرى، ولكنها من الحبيبة تضاف إلى دواعيها في القلب، فإذا هي كالورقة الجافة في شجرة خضراء ذوت هي ومنبتها حي، فما أسرع ما ترف في مكانها ورقة أخرى أزهى وأنضر. •••
الآن أذكر قولها إذ سألتني مرة: هل ترى قيمة الدينار في يد ملك أو أمير أكثر منها في يد مفلوك
صفحة غير معروفة