عون المعبود شرح سنن أبي داود
الناشر
دار الكتب العلمية
الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٥ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
علوم الحديث
بِهِ لَكِنَّ الْمُخْتَارَ فِي ذَلِكَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ الْأُوَلِ لِمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَطْهِيرُهُ ﷺ مَعَ أَزْوَاجِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَعْمِلُ فَضْلَ صَاحِبِهِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ ﷺ اغْتَسَلَ بِفَضْلِ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ وَجَمَعَ الْحَافِظُ الْخَطَّابِيُّ بَيْنَ أَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ وَالنَّهْيِ فَقَالَ فِي مَعَالِمِ السُّنَنِ كَانَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ إِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ النَّهْيِ وَهُوَ حَدِيثُ الْأَقْرَعِ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَنِ التَّطْهِيرِ بِفَضْلِ مَا تَسْتَعْمِلُهُ الْمَرْأَةُ مِنَ الْمَاءِ وَهُوَ مَا سَالَ وَفَضَلَ عَنْ أَعْضَائِهَا عِنْدَ التَّطْهِيرِ دُونَ الْفَضْلِ الَّذِي يَبْقَى فِي الْإِنَاءِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ جَعَلَ النَّهْيَ فِي ذَلِكَ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ دُونَ الإيجاب وكان بن عُمَرَ ﵁ يَذْهَبُ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ فَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ إِنَّمَا هُوَ إِذَا كَانَتْ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا فَإِذَا كَانَتْ طَاهِرَةً فَلَا بَأْسَ بِهِ قَالَ وَإِسْنَادُ حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الْإِبَاحَةِ أَجْوَدُ مِنْ إِسْنَادِ خَبَرِ النَّهْيِ
وَقَالَ النَّوَوِيُّ إِنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ فَضْلِ أَعْضَائِهَا وَهُوَ الْمُتَسَاقِطُ مِنْهَا وَذَلِكَ مُسْتَعْمَلٌ
وَقَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقَوْلُ أَحْمَدَ إِنَّ الْأَحَادِيثَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ مُضْطَرِبَةٌ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِأَنْ يُحْمَلَ أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَلَى مَا تَسَاقَطَ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَالْجَوَازُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنَ الْمَاءِ وَبِذَلِكَ جَمَعَ الْخَطَّابِيُّ أَوْ بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ
١ - (بَاب الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)
[٨٣] وَهُوَ الْمَاءُ الْكَثِيرُ أَوِ الْمَالِحُ فَقَطْ وَجَمْعُهُ بُحُورٌ وَأَبْحُرٌ وَبِحَارٌ وَأَشَارَ بِهَذَا الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ بِكَرَاهَةِ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ كَمَا نُقِلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ﵄
(وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ) أَيِ الْمُغِيرَةُ (سَأَلَ رَجُلٌ) وَقَعَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ الَّتِي ذَكَرَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِسُؤْرِ الْمَرْأَة إِلَّا أَنْ تَكُون حَائِضًا أَوْ جُنُبًا
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاء أَيْضًا فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ
أَحَدهمَا الْمَنْع مِنْ الْوُضُوء بِالْمَاءِ الَّذِي تَخْلُو بِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَقَدْ كَرِهَهُ غَيْر وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَة وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَهُوَ قَوْل الْحَسَنِ
وَالْقَوْل الثَّانِي يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ
وَهُوَ قَوْل أَكْثَر أَهْل الْعِلْم وَاحْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ في صحيحه عن بن عباس أن رسول الله ﷺ كَانَ يَغْتَسِل بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ وَفِي السُّنَن الأربع عن بن عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّ اِمْرَأَة مِنْ نِسَاء النَّبِيّ ﷺ اِسْتَحَمَّتْ مِنْ جَنَابَة فَجَاءَ النَّبِيّ ﷺ يَتَوَضَّأ مِنْ فَضْلهَا
فَقَالَتْ إِنِّي اِغْتَسَلَتْ مِنْهُ
فَقَالَ إِنَّ الْمَاء لَا يُنَجِّسهُ شَيْء وَفِي رِوَايَة لا يجنب
1 / 105