عون المعبود شرح سنن أبي داود
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤١٥ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
علوم الحديث
صِفَاتِ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ قوله وذكر اسم ربه فصلى فَخُصَّ التَّكْبِيرُ بِالسُّنَّةِ مِنَ الذِّكْرِ الْمُطْلَقِ فِي القرآن لاسيما وَقَدِ اتَّصَلَ فِي ذَلِكَ فِعْلُهُ بِقَوْلِهِ فَكَانَ يُكَبِّرُ ﷺ وَيَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ بِكُلِّ لَفْظٍ فِيهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى لِعُمُومِ الْقُرْآنِ
وَقَالَ الشافعي ويجوز
ــ
[حاشية ابن القيم، تهذيب السنن]
وَأَمَّا قَوْلكُمْ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاة فَإِنَّهُ يُنَافِيهَا وَيَخْرُج مِنْهَا بِهِ فَجَوَابه أَنَّ السَّلَام مِنْ تَمَامهَا وَهُوَ نِهَايَتهَا وَنِهَايَة الشَّيْء مِنْهُ لَيْسَ خَارِجًا عَنْ حَقِيقَته وَلِهَذَا أُضِيفَ إِلَيْهَا إِضَافَة الْجُزْء بِخِلَافِ مِفْتَاحهَا فَإِنَّ إِضَافَته إِضَافَة مُغَايِر بِخِلَافِ تَحْلِيلهَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّل مِنْهَا إِلَّا بِهِ
وَأَمَّا بُطْلَان الصَّلَاة إِذَا فَعَلَهُ فِي أَثْنَائِهَا فَلِأَنَّهُ قَطْع لَهَا قَبْل إِتْمَامهَا وَإِتْيَان بِنِهَايَتِهَا قَبْل فَرَاغهَا فَلِذَلِكَ أبطلها فالتسليم آخرها وخاتمها كَمَا فِي حَدِيث أَبِي حُمَيْدٍ يَخْتِم صَلَاته بِالتَّسْلِيمِ فَنِسْبَة التَّسْلِيم إِلَى آخِرهَا كَنِسْبَةِ تَكْبِيرَة الْإِحْرَام إِلَى أَوَّلهَا فَقَوْل اللَّه أَكْبَر أَوَّل أَجْزَائِهَا وَقَوْل السَّلَام عَلَيْكُمْ آخِر أَجْزَائِهَا
ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْهَا فَإِنَّهُ تَحْلِيل لَهَا لَا يَخْرُج مِنْهَا إِلَّا بِهِ وَذَلِكَ لَا يَنْفِي وُجُوبه كَتَحَلُّلَاتِ الْحَجّ فَكَوْنه تَحْلِيلًا لَا يَمْنَع الْإِيجَاب
فَإِنْ قِيلَ وَلَا يَقْتَضِي قِيلَ إِذَا ثَبَتَ اِنْحِصَار التَّحْلِيل فِي السَّلَام تَعَيَّنَ الْإِتْيَان بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَان الْحَصْر مِنْ وَجْهَيْنِ
فَصْلٌ وَقَدْ دَلَّ هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ كُلّ مَا تَحْرِيمه التَّكْبِير وَتَحْلِيله التَّسْلِيم فَمِفْتَاحه الطَّهُور فَيَدْخُل فِي هَذَا الوتر بركعة خلافا لبعضهم
واحتج بقوله صَلَاة اللَّيْل وَالنَّهَار مَثْنَى مَثْنَى
وَجَوَابه أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْحُفَّاظ طَعَنَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَة وَرَأَوْهَا غَيْر مَحْفُوظَة
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوِتْر تَحْرِيمه التَّكْبِير وَتَحْلِيله التَّسْلِيم فَيَجِب أَنْ يَكُون مِفْتَاحه الطَّهُور
وَأَيْضًا فَالْمَغْرِب وِتْر لَا مَثْنَى وَالطَّهَارَة شرط فيها
وأيضا فالنبي سَمَّى الْوِتْر صَلَاة بِقَوْلِهِ فَإِذَا خِفْت الصُّبْح فَصَلِّ رَكْعَة تُوتِر لَك مَا قَدْ صَلَّيْت
وَأَيْضًا فَإِجْمَاع الْأُمَّة مِنْ الصَّحَابَة وَمَنْ بَعْدهمْ عَلَى إِطْلَاق اِسْم الصَّلَاة عَلَى الْوِتْر
فَهَذَا الْقَوْل فِي غَايَة الْفَسَاد
وَيَدْخُل فِي الْحَدِيث أَيْضًا صَلَاة الْجِنَازَة لِأَنَّ تَحْرِيمهَا التَّكْبِير وَتَحْلِيلهَا التسليم وهذا قول أصحاب رسول الله لَا يُعْرَف عَنْهُمْ فِيهِ خِلَاف وَهُوَ قَوْل الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَجُمْهُور الْأُمَّة خِلَافًا لِبَعْضِ التَّابِعِينَ
1 / 65