30 - القول في المعرفة
وأقول: إن المعرفة بالله تعالى اكتساب، وكذلك المعرفة بأنبيائه - عليهم السلام - وكل غائب، وإنه لا يجوز الاضطرار إلى معرفة شيء مما ذكرناه، وهو مذهب كثير من الإمامية والبغداديين من المعتزلة خاصة، ويخالف فيه البصريون من المعتزلة والمجبرة والحشوية من أصحاب الحديث.
31 - القول في أن الله لا يعذب إلا على ذنب أو على فعل قبيح
وأقول: إن الله - جل جلاله - عدل كريم لا يعذب أحدا إلا على ذنب اكتسبه أو جرم اجترمه أو قبيح (1) نهاه عنه فارتكبه، وهذا مذهب سائر أهل التوحيد (2) سوى الجهم بن صفوان وعبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب الجبائي. فأما الجهم بن صفوان فإنه كان يزعم أن الله يعذب من اضطره إلى المعصية ولم يجعل له قدرة عليها ولا على تركها من الطاعة، وأما عبد السلام الجبائي فإنه كان يزعم أن العبد قد يخلو من فعل الخير والقبيح معا ويخرج عن الفعل والترك جميعا فيعذبه الله - سبحانه - على إن لم يفعل الواجب وإن لم يكن بخروجه منهما فعل شيئا أو فعل به شيء، وهذا قول لم يسبقه إليه أحد من أهل التوحيد وهو في القبح كمذهب جهم وفي بعض الوجوه أعظم قبحا منه (3).
صفحة ٦١