أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

لويس برومفيلد ت. 1450 هجري
51

أوائل الخريف: قصة سيدة راقية

تصانيف

بينما كانت تسير عبر العشب الرطب، جلست على مقعد حجري كان أوهارا قد وضعه أسفل إحدى أشجار التفاح العتيقة المتبقية من البستان الذي كان يغطي جميع الأراضي المحيطة بمنزل «بروك كوتيدج» أيام كانت سافينا بينتلاند لا تزال على قيد الحياة؛ ولفترة طويلة (لم تدرك قط كم استغرقت) ظلت هناك تائهة في إحدى ثغرات الوعي حينما لا يكون المرء في حالة من اليقظة أو النوم وإنما عند الحد الغامض الذي يخلو من الأفكار، والهموم، والمشاكل. ثم شيئا فشيئا أدركت أن شخصا ما يقف قريبا جدا منها، تحت الشجرة العتيقة، الملتوية الأغصان. وكأنما كان وجوده حلما تجسد بطريقة ما فصار حقيقة، لاحظت أولا رائحة دخان السيجار الذكورية تمتزج بعبير الزهور النامية في حديقة سابين، وحين التفتت رأت جسدا أسود أدركت فورا أنه أوهارا. لم تتفاجأ برؤيته؛ إذ بدا بطريقة غريبة وكأنها كانت تتوقع قدومه.

وحين استدارت، سار نحوها وبدأ الحديث. سألها: «ازدهرت حديقتنا، أليس كذلك؟ لا يمكنك أن تظني أن عمرها عام واحد فقط.»

أجابته قائلة: «أجل، لقد ازدهرت بشكل رائع.» وبعد فترة صمت قصيرة، سألته: «منذ متى وأنت واقف هنا؟»

فأجابها: «منذ لحظة فقط. رأيتك تخرجين من المنزل.» وأنصتا لبعض الوقت إلى الصوت الحزين للأمواج النائية وهي تتكسر على الشاطئ، وبعد قليل قال برقة، وبصوت خالطته الرهبة: «إنها ليلة رائعة ... ليلة مليئة بالجمال.»

حاولت جاهدة أن ترد عليه، ولكنها لم تحر جوابا. فقد أدهشها التعليق الذي قاله أوهارا بكل هدوء؛ لأنه لم يخطر ببالها أن يكون أوهارا منتبها لجمال هذه الليلة. كانت العتمة حالكة فلم تستطع تمييز ملامحه، ولكنها كانت تراه كما تتذكره، ورأته أيضا، كما تراه عيون الآخرين؛ صارما وقويا ولكنه مألوف قليلا، بالجرح في صدغه وعينيه الزرقاوين الثاقبتين، وخطوته السريعة، بخفة ورشاقة غير متوقعة من رجل بحجمه. كلا، قد يتوقع المرء من هيجينز السائس الصغير الحجم أن يقول: «إنها ليلة رائعة ... ليلة مليئة بالجمال.» فالرجال الذين كانت تعرفهم - أصدقاء آنسون - لم يكونوا يتفوهون مطلقا بمثل هذه العبارات. بل إنها كانت تشك في أنهم من المستحيل أن يلاحظوا ليلة كهذه، وإن فعلوا، فسيخجلون من أن يكونوا قد فعلوا شيئا غير عادي.

تحدث إليها: «لم يحقق هذا الحفل نجاحا كبيرا.»

فأجابته: «لا.»

فقال: «لا أحد يبدو منسجما مع أي أحد آخر. كان يجدر بالسيدة كاليندار ألا تطلب مني الحضور. ظننتها أكثر فطنة من ذلك.»

ضحكت أوليفيا برقة. وقالت: «لعلها فعلت ذلك عن قصد. فلا يسعك أبدا معرفة السبب الحقيقي وراء أي من أفعالها.»

ظل صامتا لبعض الوقت، وكأنه يتأمل ما قالته، ثم قال: «ألا تشعرين بالبرد هنا في الخارج؟»

صفحة غير معروفة