النفع والضر مجرى أفعال الآلهة على حسب ما يعتقده بعض أهل التنجيم، فاتخذوا عبادتها دينا، وأراد ملوكهم ورؤساؤهم توكيده فى أنفسهم والزيادة فيه عندهم، وذلك ان الملك يحتاج الى الدين كحاجته الى الرجال والمال، لأن الملك لا يثبت الا بالتبعة، والتبعة لا تكون الا بالإيمان، والإيمان لا يكون إلا لأهل الأديان، إذا لا يصح أن يحلف الرجل إلا بدينه ومعبوده، ومن لا يعتقد من أمر الملك بالدين، فصنعوا لهم الاصنام على صور الكواكب التى يعبدونها بزعمهم، ليشاهدوها من قرب فتحلوا فى نفوسهم، وتزكوا محبتها فى قلوبهم، ثم انتشر ذلك فى أكثر الارض، وعم جل «١» الأقاليم، وسمعت المشايخ يذكرون ان بعض المراكب اخطأ السمت «٢» فى بعض البحار حتى انتهى أهله إلى جزيرة، واذا فيها ناس لم يعرفوا قط أن فى الارض ناسا غيرهم، وعرف بدلائل المكان ان أحدا منا لم يخلص اليهم قط، واذا هم يعبدون الاصنام، ووقفوا من جهتهم بالاشارة الى ان السبب الذى دعاهم الى عبادتها هو الذى ذكرناه فى أمر الكواكب وهذا من أعجب ما فى هذا الباب والله أعلم.
وزعمت العرب أنها تعبد الاصنام لتشفع لها عند الله، وهذا مثل ما حكى عن بعض السؤال أنه كان يقول «اللهم ارزق الناس حتى يعطونى» فقال له أبو الحارث حميد: مالك تسأل الله سفتجة «٣» بالرزق، سل الله يرزقك، وكان ينبغى للعرب أن يعبدوا الله ليرحمهم، ولا يحتاجون الى اقامة شفيع.
وعمرو بن لحى اول من بحر البحيرة وسيب السائبة وجعل الوصيلة والحام.
والبحيرة: الناقة اذا نتجت خمسة أبطن، فان كان الخامس أنثى بحروا
1 / 61