فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا .
وحيا الله هذا الرئيس الأمين، الطاهر القلب، المبارك الناصية «شكري»، شكر الله مساعيه، وحيا أصحابه الكرام، وحيا كل من شارك في تحرير سورية، بيده أو لسانه.
وبعد: فيا سوريتنا العزيزة، قد رفع الزمان الأعباء عن كواهل الأعداء، فوضعها على كواهل الأبناء، فليحملوا أعباء الواجب؛ وليؤدوا تكاليف المجد، وليبنوا مستقبلهم بأيديهم لأبنائهم، وليعلموا أن حاضر العرب يؤمل فيهم، وماضي العرب ينظر إليهم، ومستقبل العرب ينتظرهم، فليجمعوا القلوب والأيدي، وليحسنوا البناء.
ألا إنه قد فتحت لهم صحائف في التاريخ جديدة، فليجيدوا الكتابة في هذه الصحائف التي تخلد كل شيء؟
إنهم يبنون أجيالا، ويكتبون تاريخا، فلينظروا كيف بناء الأجيال وكتابة التاريخ؟
يا سورية الجميلة، إن أبناءك اليوم في رجعوا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر .
مكانة العرب بين الأمم
تخلد الأمم على وجه الأرض وتحيا على مر الدهور وتثبت في صفحات التاريخ بأسباب وقوانين، ويختلف حظها من الخلود ومن المجد باختلاف هذه الأسباب المواتية، والقوانين السارية، قوة وضعفا، وإبطاء وإسراعا، وضيقا واتساعا، وهي أسباب متصلة متشابكة، يؤدي بعضها إلى بعض، ويمسك بعضها بعضا، من هذه الأسباب صلاحية الموطن، والقوة الحسية والمعنوية، والثبات للحادثات، والاحتفاظ بالخصائص، والاعتداد بالنفس والثقة بها، وحضارة الأمة وأثرها في العالم، وقدرتها على الأخذ والإعطاء في معترك الأمم، والمكانة بين الناس ، وعظم التاريخ على مر الدهور.
فأما الوطن فقد منح الله العرب موطنا فسيحا وسطا بين المواطن، فياضا بالخيرات، بعيدا من الآفات الطبيعية المدمرة. موطن العرب جزيرتهم التي ولد فيها تاريخهم، ومثواهم القديم الذي عرفهم فيه التاريخ منذ تحدث عن البشر، بين نجد إيران وجبال طوروس إلى البحر الأبيض، ثم متقلبهم الذي نشرهم فيه الإسلام إلى بحر الظلمات وأواسط إفريقية.
وهو موطن شاسع الأرجاء، يقع معظمه في الإقليم المعتدل، وقليل منه في الإقليم الحار، وتجري فيه ثلاثة من أعظم أنهار العالم: النيل ودجلة والفرات، وتتقسمه السهول الخصبة والبراري والصحاري والجبال، وتمتد سواحله على بحر العرب، والبحرين الأحمر والأبيض. هذا الموطن العظيم يكفل الحياة القوية، والعيشة الغنية، والثبات على الخطوب، والبقاء على الزمان.
صفحة غير معروفة