33

مجانبة أهل الثبور المصلين في المشاهد وعند القبور

الناشر

مكتبة الرشد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

وَقالَ غيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلفِ: «كانَ هَؤُلاءِ قوْمًا صَالِحِيْنَ فِي قوْمِ نوْحٍ ﵇، فلمّا مَاتوْا: عَكفوْا عَلى قبورِهِمْ، ثمَّ صَوَّرُوْا تمَاثِيْلهُمْ، ثمَّ طالَ عَليْهمُ الأَمدُ فعَبَدُوْهُمْ». فهَؤُلاءِ جَمَعُوْا بَيْنَ الفِتْنَتَيْن ِ: فِتْنَةِ القبوْرِ، وَفِتْنَةِ التَّمَاثِيْل ِ، وَهُمَا الفِتْنَتَان ِ اللتان ِأَشارَ إليْهمَا رَسُوْلُ اللهِ ﷺ فِي الحدِيْثِ المتَّفق ِ عَلى صِحَّتِهِ عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهَا: أَنَّ أُمَّ سَلمَة َ رَضِيَ الله ُعَنْهَا ذكرَتْ لِرَسُوْل ِاللهِ ﷺ كنِيْسَة ً رَأَتهَا بأَرْض ِ الحبشةِ يُقالُ لها «مَارِيَةَ»، فذَكرَتْ لهُ مَا رَأَتْ فِيْهَا مِنَ الصُّوَر. فقالَ رَسُوْلُ اللهِ ﷺ: «أُوْلئِكَِ قوْمٌ إذا مَاتَ فِيْهمُ العَبْدُ الصّالِحُ، أَوِ الرَّجُلُ الصّالِحُ: بنوْا عَلى قبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوْا فِيْهِ تِلك َ الصُّوَرَ، أُوْلئِكَِ شِرَارُ الخلق ِ عِنْدَ اللهِ تعَالىَ». وَفِي لفظٍ آخَرَ فِي «الصَّحِيْحَيْن»: «أَنَّ أُمَّ حَبيْبَة َ وَأُمَّ سَلمَة َ ذكرَتا كنيْسَة ً رَأَينهَا». فجَمَعَ فِي هَذَا الحدِيْثِ، بَيْنَ التَّمَاثِيل ِ وَالقبوْرِ، وَهَذَا كانَ سَبَبَ عِبَادَةِ اللاتِ ... فقدْ رَأَيْتَ أَنَّ سَبَبَ عِبَادَةِ وَدٍّ وَيَغوْثَ وَيَعُوْقَ وَنسْرٍ وَاللاتِ، إنمَا كانتْ مِنْ تَعْظِيْمِ قبوْرِهِمْ، ثمَّ اتخذُوْا لهَا التَّمَاثِيْلَ وَعَبَدُوْهَا، كمَا أَشَارَ إليْهِ النَّبيُّ ﷺ اه. وَقالَ العَلامَة ُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ القادِرِ الأَقحِصَارِيُّ الحنَفِيُّ، المعْرُوْفُ باِلرُّوْمِيِّ (ت١٠٤١هـ) في كِتَابهِ الكبيْرِ «مَجَالِس ِالأَبْرَار،

1 / 40